كانت كافية تلك الأنشودة لسيدة الغناء العربي فيروز أن تحرك كل مشاعرنا تجاه شادي صديق طفولتها، دندناها كثيرا وما زالت في أحايين كثيرة تبكيني كما كانت تماماً في طفولتي.
كل الأطفال المعذبين في وطننا العربي هم اليوم شادي، الذين يسكنون العراء ويبكون الجوع وتشتاق أكفهم دفء الأرغفة، وتهفو حواسهم لوجبة ساخنة ربما تدفئ صقيع الشتاء الذي كست ثلوجه مخيماتهم البالية التي تعوي فيها الريح ويعربد البرد الذي تقدم الحياة يوميا قرابينها لفكه المميت.
شادي هو كل أولئك الأطفال الذين كبروا قبل أن تطول قاماتهم وقبل أن تقوى أسنانهم اللبنية، فتحسسوا جراحهم الغائرة بدلا من أن يلمسوا أحلامهم وتفتقت دماؤهم بدلا من حواسهم ومباهج حياتهم المهدورة.
آه يا شادي.. تمزقت الكتب المدرسية، انقض السقف على حطام ما تبقى على الأرض وما تحتها، السماء مكفهرة من كثرة الحرائق، القرى مهجورة، المدن مصابة بجنون الأسلحة وحدائق الخيرات جفت، ومراعي الطفولة غدت خرائب مهجورة.
وينك يا شادي!؟ دميتك وألعابك.. صوتك المخنوق، أحلامك اغتالها الشيطان، أسد الغابة المتوحش، حتى الأمم المتحدة كفت عن تعداد الموتى، فأين أبحث عنك ؟ أين أجدك؟
لكم الله أطفال سوريا فما يحدث لكم سلبنا فرحنا وهدوءنا، بكل الطرق حاولت حكومتنا في المملكة السعودية إنقاذ ما تبقى لكم، أمام مجلس الأمن وفي كل محفل دولي فاتهمنا بالإرهاب وحاربتنا القوى الفاسدة التي تناصر الأسد لمصالحها الشخصية.
لكم الله وصوت من صحا من الضمائر الحية التي تكتوي بقتلكم وجوعكم وتشريدكم ولا حول ولا قوة إلا بالله.
وقل اعملوا
إلى كل آدمي كرمه الله فجعله خليفة في أرضه، كل مسؤول في عمله، كل في وظيفته صغر شأنها أم كبر أن يراعي الله في عمله لينجزه على الوجه الأكمل وفي الوقت المثالي ليصلُح هذا الكون ولو قليلا، كي لا تتوقف معاملة عند مسؤول، ولا يبكي مظلوم ظلم ظالم أو مقصر أو متسبب في تأخير حاجته، فالوقت كالسيف ثمين إن لم نستطع له وفاء أسرع بقطعنا، وجزاء العمل بمثله ويوم لك ويوم عليك.
لغازي القصيبي
«البحر هو الوحيد الذي يكتب الشعر دائماً»