عندما بدأت ثورة الشعب السوري قبل حوالي ثلاث سنوات ضد الظلم والإقصاء والفقر والجوع ومضايقات الأجهزة الأمنية المتعددة واجهها النظام المستبد بالسلاح لأنه يدرك يقيناً أنها ثورة شعبية وليس كما أظهر للعالم الخارجي أنها عبارة عن إرهابيين وعصابات مسلحة.
وقد تجاوبت مع هذا الادعاء بعض الدول كروسيا والصين وإيران لمصالح خاصة وإلا فهذه الدول تعلم علم اليقين أنها ثورة شعبية ضد نظام ظالم بدليل أن روسيا عطلت تنفيذ اتفاق جنيف (1) لكونه ينص على إقامة حكومة انتقالية تتمتع بكافة الصلاحيات باعتبار أن إقامة مثل هذه الحكومة سوف يقصي الأسد وعائلته وأجهزته القمعية من الواجهة السياسية وسيعرضهم للمساءلة والمحاكمة.
لذا فقد أمعن هذا النظام في قتل شعبه بالقصف الجوي والصواريخ والمدافع والدبابات وكأنه يحارب عدوا خارجيا، وما يقوم به من هذا الإجرام يعد سابقة لم تحدث في أي دولة أخرى.
وعندما أفاقت الولايات المتحدة وهددت فى الربع الأخير من العام الماضي (2013) بتأديب النظام الأسدي على جريمة قصف الغوطة بالكيماوي الذي راح ضحيته نحو (150) أكثرهم من النساء والأطفال وأدرك النظام أن البارجات الأمريكية التي تحمل الطائرات والصواريخ على مقربة منه وأن روسيا لن تحارب معه تراجع (180) درجة وأعلن فوراً تخليه عن ترسانته الكيماوية، حيث تبين أن هذا السلاح أسس من أجل قمع الشعب وليس من أجل الدفاع عن سوريا وهو الأمر الذي جعل الولايات المتحدة تتراجع عن فكرة القصف الجوي والصاروخي والاكتفاء بما أبداه النظام حيال تخلصه من سلاحه المدمر، لكون ذلك يخدم إسرائيل، وهو الأمر الذي اعتقد النظام معه أنه قد منح الشرعية مرة أخرى، وأن شبح التخلص منه بالقوة قد تلاشى، مما جعله يمعن في القتل والاعتقال غير المبرر وحصار المدن وتجويعها والقصف بالبراميل المتفجرة.
والسؤال الذي يطرح نفسه خاصة والمجتمع الدولي بانتظار انعقاد مؤتمر جنيف (2) في نهاية شهر يناير الحالي هل من يقوم بهذه الأعمال الحربية ضد شعبة مستعد للتفاوض من أجل السلام، وهل من قتل ودمر وحاصر وسلم أغلى سلاح لديه من أجل الاستمرار في السلطة مستعد لمفاوضة المعارضة لتسليم السلطة.
هل سيرضى هذا النظام الذي يمثل أقلية من الشعب السوري أن يسلم السلطة لمن أساءها سوء العذاب يذبح أبناءهم ويغتصب نساءهم ويقصف مدنهم لكونهم يمثلون أكثرية الشعب السوري.
إن كل الدلائل تدل على أن هذا النظام لن يذهب إلى جنيف (2) بنية صادقة ورغبة عارمة لإحلال السلام في سوريا وإنما من أجل التمويه وإضاعة الوقت والدليل على ذلك إعلانه بأن السيادة السورية لن تكون محلاً للنقاش، وكذلك إصراره مع روسيا على مشاركة إيران في جنيف (2) مع أنه لا علاقة لها بالشأن الداخلي السوري إلا إذا كان سبب ذلك يعود لوقوفها مع النظام مالياً وبشرياً.
والحل الوحيد هو عودة المجتمع الدولي لمجلس الأمن الدولي بعد أن تراجع روسيا مواقفها، وذلك من أجل إصدار قرار دولي تحت الفصل السابع من ميثاق هيئة الأمم المتحدة لإلزام هذا النظام إما بتسليم السلطة طواعية أو إلزامه بتسليمها بالقوة والله من وراء القصد.