تقاسيم وجهك وفريقك وأنتم تتكلمون بمؤتمر جنيف وقبله بحدة وتوعد وهجوم عنيف وتنثرون الألقاب والمسميات الصلفة الصفيقة النتنة على كل الدول والأطراف التي تريد لسورية ولشعبها الخير والسلام، استوقفتني رغم علمي اليقين والتام أن ما تقوله وتتحدث عنه نبرات أصواتكم المنفعلة الحادة واللغة والمفردة عكس ذلك تماماً، فحياتكم وأركان نظام حكمكم الباذخة في القتل والهدم والحرق والاعتقال التعسفي والإسراف في إهراق الدم وإهانة شعبكم، لا تنبئ عن صدق كلامكم، إن المناصب العليا مصائد الشيطان، والراغب في الدنيا كشارب ماء البحر، كلما شرب منه ازداد عطشاً، وأن شهوة الحكم التي أصبحت حلمكم أفقدتكم كل شيء إنساني أو مشاعر حية نابضة بالحياة وبالعطاء، وعليك يا - وليد المعلم- أن تتصور حاكما فقد كل مبادئه التي عاش من أجلها عقوداً طويلة ونادى بها طويلاَ وعلقها شعارات، وشغله صخب السلطة ومغرياتها والمناصب وامتيازاتها، ووقع تحت تأثير سكرة الحكم، فهل يخرج على شعبه بوجه جميل؟ كان بودي أن أرى فيك وفي أركان - حكمك - ورفاق - بعثك - الحلم والحكمة والأنة الذي كنت تغمرون به أسماعنا ليل نهار، ولا أعتقد أن في وسعك أن تفعل ذلك بعد حرق الشام وهدمة، وذبح ناس الشام طفله شيخه وعجوزه، وأنى لكم بعد هذا، أن تتحدثون عن همكم الوطني وخوفكم على الشعب وتبحثون له عن الرفاهية والسؤدد وأنتم تشغلون القصور، وتتنقلون في غرفها وممراتها، وتغمركم الأنفاس الطاغية بالكبرياء والعلياء والعنجهية وتتلذذون بسفك الدماء ما يهتز لها عرش الرحمن، وتطأ أقدامكم رقاب البشر الأبرياء بكل استبداد وعلو وصلف،أنى لكم أن تتحدثوا عن الأثرة والمواساة وحق الشعب في الحياة والتطلع التي طالما رددتموها في محاضراتكم ومقابلاتكم ولقاءاتكم وقد تعمدتم أن تمسحوا من تفكيركم مفردات الفقر والعوز والحاجة، وهل تجتمع مشاعر الفقر ومشاعر الثراء والأبهة في قلب واحد؟ فما بالكم تزاحمون الشعب السوري الفقير المشرد وأركان نظامكم وحزبكم على الدنيا؟ يا - وليد المعلم - منذ أن أنكشف الغطاء عن وجه نظام حكمكم الدموي القبيح، والشعب السوري يبحث عن نظام جديد يجدد معه الحياة بكل جمالها رونقها والبهاء، بعيداً عن الظلم والفسق والفجور، لكنكم لا تريدون أن تفقدوا مجد الدنيا الزائف حتى وأن انتهى بكم بالذل وبالعار، كان بوسعكم أن تفعلوا ما يفعله العقلاء، وأن تتفادوا ما قد حصل، باستبعادكم للفاشيين والفاشلينوالانتهازيين والمتملقين لتعززوا مقامكم السياسي وخلودكم في الحكم، لكنكم لم تفعلوا لأنكم لا تخشون الله، ولا تحترمون دينه، ولا مبادئ الحياة النظيفة، ولاتراعون المخلصين والأتقياء والمصلحين، لذا فقد حولتم سوريا كلها لـ(مافيا) تنتج السراق والمفسدين والفاشلين، حتى أصبحتم نموذجا للسارق المحترف الذي يجيد فن استنزاف الأموال لصالح الحزب وأركان الحكم وحفنة ممن جئتم بهم من خارج الحد الذين احترفوا اللصوصية والفساد، إن الشعب السوري بأكمله ضحية من ضحاياكم، لقد فتحتم له أبواب جهنم وما كان أمامه من خيار غير المقاومة، وأنى للنفس البشرية أن تقاوم مغريات الأموال والعقارات وامتيازات أخرى لا تعد ولا تحصى، صغتموها على مقاييس نهمكم وعطشكم، وسوف تتحملون وزر ضياع الشعب السوري، لقد تحول أعضاء حزبكم إلى رؤساء تشرف على مافيات سرقة المال العام السوري وسرقة قوت الفقراء والمساكين، وهذا يعني أن بقاء حكمكم وحزبكم يا - وليد المعلم - هو بقاء لمعاناة الشعب السوري، وهدر أمواله واستمرار تخلفه، ويعني أيضا أنكم تعملون وبشكل صريح (وعلى الطاولة) على تشويه النقاء السوري الذي احتفظ على نقاء فكره ونزاهة علمائه ورجاله 14 قرنا قبل أن تعمل به معاولكم هدما وتشويهاً، لقد سرقتم عذرية الأمة وأهنتم شرفها وبعتم كرامتها في أول مزاد اعترض حياتكم السياسية،سنوات عجاف من عمر سورية، تخلف وقلة الخدمات وجيوش الحالمين بلقمة حلال من العاطلين، والفساد يضرب بأطنابه كل دوائر الدولة، أنت تعرف ذلك فتقول ذات مره وبلا خجل وحياء: أن الفساد في سورية قد انتقل من تحت الطاولة وأصبح فوقها، أنت من شارك في نقل الفساد إلى فوق الطاولة أيضاً، لأنك جزء من منظومة الحكم، واكتفيت بحياة الدعة والأنس، وفضلت أن تكون ( متفرجا ) على أن تكون معترضا، وأنت شريك في الجريمة ؟ فتكون مع أركان حكمك وبعثك ومن يشارككم ( الغنيمة ) مسؤولين عن ذلك الفساد، لقد أهلك الفساد الشعب السوري وأتعبه، وبدد ثرواته وما زال حتى الآن يحرق بأموال فقرائه من اليتامى والأرامل والمعدمين، ولا تتردد بلا حياء تتكلم عن النزاهة!، أن نظام ينخره الفساد يا - وليد المعلم -، لا يمكن لرئيسه أو وزير خارجيته أو أركانه الآخرين أن يكونوا نزيهين، وإذا سلمتم بغير ذلك فعليكم أن تعترفوا أنكم تخادعون أنفسكم،كنت قد ظننت وأنت تعتلي المنبر في مؤتمر جنيف أن تعلن عن شيء ما يبهج الشعب السوري ويفرحه، وأنت (المنظركي تخرج بسوريا من مخالب الفساد والتخلف والدمار وبحيرات الدم، لكنك لم تفعل، لأن الهم السوري لم يكن همك، والشأن السوري لم يكن شأنك، كانت فرصتك أن تتحالف مع شعبك وتجمع المخلصين من حولك، وتجعل كل همك إنقاذ الأمة السورية وتكرس كل وقتك وطاقاتك لطريق الإنقاذ وأن تجعله عنوانا كبيرا في حياتك السياسية، لكنك لم تفعل، ولم تنتصر على نفسك، ورجعت لأوامر حزبك البعثي صاغرا،لقد كانت كبوة قصمت ظهر عاقبتك وعصفت بآخرتك وأغلقت على شعبك إلى الأبد الأمل بك، لقد خيركم القدر، بين أن تفرشوا قلوبكم جسراً لشعبكم وتسخروا قدراتكم لمصالح الفقراء والمعدمين، فترتقوا صوب المجد، لأن الشعوب وحدها من يمجد الأبطال والمخلصين، وينقش أسماءهم في سجل الخالدين، وبين أن تجعلوا من الأمة جسرا لأحلامكم المريضة ولشهوات زائلة ودنيا حقيرة وقصيرة، بالله عليك وعلى أقرانك الآخرين أي الخيارين اخترتم، تمعن من حولك، فهل يحيط بك ما يحيط بفقراء شعبك، من تخلف وفقر ومساكن هي أقرب إلى الخرائب، حرمان وخوف وموت تحمله مفخخات الهدم والخراب، وجهل هو أخطر من الإرهاب ما زال يثقل كاهل الأمة السورية، لم يخطُ أحد منكم لمحاربته، بل عززتموه وكرستموه بعد أن رأيتم فيه عونا لكم في ترويض الشعب، نعم أن الحاكم المستبد بحاجة إلى قدر من الإرهاب، وهو في حاجة إلى فوضى، وهذا ما عملتم عليه . تمعن فيما حولك، فهل تجد ما يحيط بشعبك من كوارث ومآسٍ، أم ترى قصورا مشيدة وسيارات فارهة وتجارة عامرة، لن تخدع الناس الحقيقة وهم يعيشون في الجحيم وأنتم تعيشون في النعيم، إن حساباتكم السياسية قد طغت على حساباتكم الإنسانية والدينية، ولأن جدول الإيمان بالغيب فيكم قد أصابه الجفاف، وما كنتم ترغبون في أن يتولى غيركم قضية، فشلتم بها أو تخليتم عنها، وهذه من الخصال التي تميز بها حزبكم، بل يوصي بها، يا - وليد المعلم - أني لأعجب على جرأتك وجرأة نظامك ورأس نظامك على الله ثم على الناس والحقيقة، تتحدثون عن الإصلاح والتنمية وحقوق الإنسان والإرهاب وأنتم تخوضون في غمار الإرهاب والفساد وسرقة المال والتستر على الشبيحة والمفسدين، لقد اخترتم بمحض إرادتكم الدنيا، وفشلتم في الاختبار الإلهي، ولم تنجحوا أمام مغريات السلطة وامتيازاتها، وما كان الله عدوا لأحد منا، لكنه يختبر إخلاصنا وصدق أحاديثنا ليخرج الخبء مما يعتمل في دواخلنا، فوضع لنا - رحمة منه وإظهارا لعدله - قانونا خص به المؤمنين ليرفمدى تطابق ادعاءاتنا ومظاهرنا وسماتنا، ليكشف الصدق من النفاق وحتى لا تنخدع الأمة، ولابأس في أن أذكرك وعلك تنتفع بهذه الذكرى، بما ورد في القرآن الكريم من قول صريح يخاطب به المؤمنين ومن يتشدق بالإيمان: {مَّا كَانَ اللّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَآ أَنتُمْ عَلَيْهِ حَتَّىَ يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ} يا - وليد المعلم - إن النظام الطيب هو من يؤثر الشعب على نفسه ولا يتخذهم جسرا لدنياه، ولا يتحصن ويتركهم في العراء نهبا للذئاب، ولا يتخذ من ضعفهم وقلة حيلتهم أو جهلهم طريقا للثراء، ولا تعبث بأموالهم قنوات فضائية تمجد بحمد القائد وحمد حكمه كذباً وبهتاناً و{تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا}.