من البرنامج التجريبي لرسوم الأطفال - من حكايات كليلة ودمنة
عندما أحسّت الحيوانات والطيور بخطر الثعبان الذي يهدد حياتها كل يوم، قررت الرحيل عن الغابة إلى مكان بعيد لا يعرف الثعبان المفترس الطريق إليه. وفي الصباح خرج الثعبان الضخم كعادته عن جحره، فتعجب للهدوء الغريب وظن في بداية الأمر، أن الحيوانات والطيور اتفقت على ألا تصدر صوتاً حتى لا يستدل الثعبان على مكانها، فقال ساخراً: «سأعرف أماكنكم واحداً واحداً، اصمتوا ما شئتم، سأستدل عليكم. وراح يقطع الغابة طولاً وعرضاً، ثم يتوقف في مكانه مترقباً، إلى أن بدأ القلق يتسرب إلى نفسه، وفي كل يوم يأتي عليه يلتف على نفسه أكثر، إلا أنه في نهاية الأمر قال: «لا بد من الاعتراف بالحقيقة! لقد هاجرت الطيور والحيوانات هرباً مني، ولا بد أن أبحث عن طعامي في مكان آخر وإلا مت جوعاً».
وبينما كان الثعبان في جولة من جولاته الليلية، سمع صوت ضفادع يتردد عند أطراف الغابة حيث يمر غدير ماء. فدبّ الأمل في نفسه، واجتهد في زحفه باتجاه نقيق الضفادع، وقال في نفسه: فلتهاجر الحيوانات والطيور كما تشاء، لقد وجدت لي طعاماً لا يفرغ من هذه الضفادع». وهمّ الثعبان بأن ينقضّ على الضفادع إلا أنه تراجع قائلاً في نفسه: «لا!.. لا بد لي أن أتخير الطريقة السليمة لاصطيادها دون أن تهرب مني كما فعلت الحيوانات والطيور». فاختار شجرة تطل على الغدير، واستطاع أن يراقبها ويعرف متى تنام، متى تأكل ومتى تلعب ليتمكن من أن ينفرد بها واحدة واحدة دون أن يلفت إليه أنظار باقي الضفادع.
وبدأ الثعبان يختار الوقت الذي تبتعد ضفدعة عن باقي أصحابها فيتصيدها في حركة خاطفة أو يمضي مسرعاً دون أن ينتبه إليه أحد إلا أن الضفادع انتبهت إلى اختفاء بعض صغارها، فذهبوا إلى ملك الضفادع يسألونه عن الطريقة التي يعثرون بها على صغارهم الغائبين، إلا أنه سخر منهم قائلاً: أين هي المشكلة في هذا، لا بد أن هذه الضفادع تتسلى بألعابها هنا أو هناك وما تلبث أن تعود.. هيا اذهبوا ولا تشغلوني بأوهامكم السخيفة».
لم تقتنع الضفادع بكلام ملكها، فلجأت إلى الضفدع الحكيم، وبعد أن استمع إلى القصة كاملة قال: «هذه مشكلة تستحق التفكير، فاختفاء الضفادع يعني أنها تقع فريسة لحيوان أو طير مفترس»، فسأله واحد من الضفادع: «ماذا نفعل أيها الحكيم، هل ننتظر حتى تختفي جميعاً؟» فأجاب الحكيم بحسم: «لا!.. بل ننظم أنفسنا، فنكلف مجموعة منا بحراسة المكان، حتى نعرف سر ما يجري حولنا». عملت الضفادع برأي الحكيم وكلفت واحدة من الضفادع بالمراقبة من داخل تجويف جذع شجرة، إلا أن الملل أصابها لطول ما بقيت في مكانها فكادت أن تخرج إلا أنها سمعت فحيحاً يزحف باتجاه ضفدعة تلهو وحدها، فأصدرت الضفدعة الحارسة نقيقاً يعبر عن الخطر لتنبيه الضفدعة التي تلعب ولتهرب باتجاه عشيرتها مطلقة صيحات التحذير.
وما أن سمع ملك الضفادع ما حدث حتى أمر بعقد اجتماع لإعلان حرب لن تتوقف إلا بالقضاء على العدو، وبينما هو يطلق كلماته الحماسية، ظهر صوتاً ضعيفاً يقول كلمة واحدة: «كيف؟» فصاح الملك بصوت قوي: «من الذي يسأل فليتقدم حتى نعرفه» ومن بين الصفوف خرجت ضفدعة ضئيلة الحجم، فنظر الملك إليها باحتقار فقالت» أيها الملك العظيم إذا كنت أقول كيف فذلك لأنني لا أعرف كيف يمكن للضفادع أن تقضي على ذلك الثعبان الضخم؟ فقد كنت سمعت من أبي أن الضفادع لا تقدر على حرب الثعابين، تضاعفت همهمات الإعجاب بين صفوف الضفادع لشجاعة الصغيرة، فصاح أحدهم: «أين الحكيم؟».
ارتفع صوت الضفدع الحكيم وهو يسير باتجاه الملك بخطوات وئيدة» «أيها الملك إن لي رأياً يخالف رأيك» فصمت الجميع حتى وصل الضفدع الحكيم إلى مكان الملك ثم التفت إلى الضفادع وقال: «هذه الضفدعة الشجاعة لها الحق، فما عرفنا الضفادع تقوى على حرب الثعابين، ولكن ما يمكن إدراكه بالقوة يمكن أن نسعى إليه بالعقل والحكمة وحسن التدبير، وهو ما سيقودنا إلى التخلص من شر الثعبان، كما قادنا من قبل إلى اكتشاف اعتدائه على من اختفوا منا».
وبعد هذه الكلمات وزع الحكيم نوبات الحراسة على جميع الضفادع، بحيث يمكن اكتشاف اقتراب الثعبان من أي ناحية وفي أي وقت من ساعات النهار والليل. وعندما جاء الثعبان إلى الغدير، لم يسمع صوت الضفادع الذي اعتاد أن يسمعه فراح يزحف بكل اتجاه إلا أنه لم يصادف أي ضفدعة فقال في نفسه: ماذا جرى، هل هاجرت هي الأخرى: كيف تهاجر مبتعدة عن الغدير وحياتها في مائه؟» ظهرت الحيرة الشديدة على الثعبان وبدا يائساً، إلا أن ضحكات ملك الضفادع العالية الذي أسعده أن تنتصر حيلة الضفادع على الثعبان، جعلت الثعبان يدرك حيلة الضفادع، ويفكر كيف سيكون أكثر مكراً ودهاءاً. وفي صباح اليوم التالي زحف الثعبان إلى الغدير وارتمى كالميت، وبقي لساعات على حاله، فأسرعت الضفادع إلى مخابئها، لكن الثعبان لم يتحرك وبدأ يصدر أنين وتوجع، واستمر على هذا الحال طوال النهار والليل فسألت إحدى الضفادع ملكها: «هل سنبقى في مخابئنا طوال حياتنا؟ وقبل أن يتكلم الملك، ارتفع صوت الحكيم: احذروا يا اخوتي! أشعر أن هذا الثعبان قد اكتشف خطتنا وهو يدبر لنا مكيدة». فقاطعه الملك ساخراً: أية مكيدة، ألا تسمع أنينه، سأقترب لأعرف حقيقة أمره». ورغم محاولات الضفدع الحكيم، إلا أن الملك أصرّ على الخروج من مكانه والسخرية من الثعبان بصوتٍ عالٍ ليسمع بقية الضفادع كلامه. أرأيت عاقبة من يعادي ملك الضفادع؟ فأجابه الثعبان: لقد حلت عليّ اللعنة جزاء ما فعلته بأبناء مملكتك وإنني نادم كل الندم. فسأله الملك بفضول: أي لعنة.. ماذا تقصد؟ قال الثعبان: بعد أن فشلت في اصطياد ضفدعة من الضفادع، قررت أن أبحث عن طعامي في مكان آخر، وعلى مشارف القرية القريبة وجدت ضفدعة تتراقص، وما أن هجمت عليها حتى قفزت هاربة فتبعتها إلى القرية ووجدتها تدخل بيتاً فأسرعت خلفها لأكتشف أنني دخل بيت ناسك متعبد، ومن حجرة إلى أخرى رحت أبحث عنها، حتى رأيت شيئاً صغيراً يتحرك تحت الغطاء، فظننته الضفدعة، واسرعت أغرس أنيابي فيه، لكن حظي التعيس كانت يد الابن الصغير للناسك، فصرخ صرخة مفزعة، ماج البيت فيها وهاج، ورأيت الناسك يسرع خلفي بعد أن اكتشف موت ابنه وهو يصيح رافعاً يديه إلى السماء: «ادعو الله ان يحكم عليك بالمذلة والإهانة وأن تبقى طول عمرك خادماً لملك الضفادع، ويركب ظهرك في ذهابه وإيابه ويحرم عليك أكل الضفادع إلى الأبد». فاستمع الله لدعاء الناسك وحلت عليّ اللعنة كما تراني الآن، وصل غرور الملك إلىمته وقال: فلتكن قصتك عبرة لكل من يعتدي على الآخرين، ثم أطلق صيحة عالية: هيا أيها الثعبان تقدم واحملني على ظهرك لأقوم بنزهة في الغابة». أصابت الدهشة الضفادع حين رأت الملك يجلس فوق ظهر الثعبان، ملوحاً للضفادع بيده حتى اختفى داخل الغابة، فارتفع صياح الضفادع وهتافها بحياة ملك الضفادع باستثناء الضفدع الحكيم فقد بقي في مكانه حزيناً، فاقتربت منه الضفدعة الصغيرة الشجاعة وسألته: ما أراك حزيناً يا سيدي الحكيم؟ فأجاب: لا أدري يا ابنتي.. لكن قلبي منقبض وعندي إحساس بأن ذلك الثعبان الماكر يدبر مكيدة لنا».
وصل الثعبان إلى وسط الغابة فقال الملك: فلتسترح قليلاً ثم بعد ذلك نعد إلى غدير الماء». فقال الثعبان: أمرك يا مولاي. هبط الملك من فوق ظهر الثعبان واستلقى عند جذع شجرة كبيرة وأغمض عينيه يتشمم رائحة الزهور باستمتاع وحين فتح عينيه رأى الثعبان يتقدم ناحيته وقبل أن يدري كان الثعبان قد ابتلعه وأحكم إغلاق فمه عليه. حل الظهر وجاء موعد غداء الملك، ولم يحضر وجاء العصر ولم يعد الملك بعد إلا أن الثعبان ظهر من جديد عند حافة الغدير وراح ينادي: أن ملككم العظيم اختار غديراً جديداً عند الطرف الآخر من الغابة وطلب مني أن أحملكم واحداً واحداً على ظهري. همت الضفادع بالتدافع نحو الثعبان لكنهات جمدت حين سمعت صيحة الحكيم العالية: مكانكم ألا ترون دماء الملك على أنياب هذا الثعبان المفترس؟ هيا اهربوا إلى مخابئكم. استجاب الجميع لكلام الحكيم، مما أغاظ الثعبان بعد أن انكشفت مكيدته، فراح يزحف بعصبية وحنق ويفكر في حيلة من جديد إلا أن صوت الحكيم من ناحية الغدير الأخرى أخذ يصيح: لا تحاول من جديد لقد انكشفت حيلتك ولن تتمكن بعد اليوم من اصطياد ضفدعة واحدة منا.
** ** **
رسوم
1 - مريان شريف ورده 6 سنوات
2 - لاريسا زيد تلحمي 7 سنوات
3 - سوسن حكيم العيسمي 7 سنوات
4 - محمد علاء الحسين 7 سنوات
5 - سلينا رمزي زعلول 7 سنوات
6 - رنيم ناصر رياطه 7 سنوات