باركت له في جائزة التميُّز التي حصل عليها من وزارة التربية، وأشرت إلى أنها جائزة كبرى حسب مسماها وما قرأته عنها من تصريحات مسؤولي وزارة التربية. تنهد، وأجاب: المسمى كبير، لكن التنفيذ كالعادة متواضع من قِبل وزارة التربية والتعليم. وأضاف: كنت أتمنى أن تأتي شهادة التميز تلك ممهورة من قِبل وزير التربية والتعليم أو أحد نوابه، وأن تأتي في برواز وورق أنيق، لكنها أتت موقعة بختم الأمين العام للجائزة - مع تقديرنا لسعادته - وعلى ورقة مليئة بأختام خمس جهات، وكأنها ورقة (كشكول) دعائي للشركات. أما العبارات المكتوبة في تلك الشهادة فهي أشبه بقرار إداري وليس شهادة؛ إذ جاء فيها «قررت أمانة جائزة التميز... إلخ»، وكأنهم لا يميزون بين صيغ كتابة قرار إداري وصيغ الكتابة على الشهادة. هو لم يكن يعبِّر عن شكل الشهادة، حتى لا يأتي من يتهمنا بالتركيز في شكليات هامشية، بل يشير إلى ما وراء ذلك، وإلى أن «المكتوب يبين من عنوانه» كما يقال. فعدم توقيع الشهادة من قِبل وزير التربية، وعدم الاحتفاء بها في حفل سنوي ضخم يحضره وزير التربية، أو حتى ضيف شرف أعلى منه، يعني تقزيم قيمتها. وعدم الاهتمام بشكل شهادة التميز يعني تواضع الاهتمام بإخراجها.
وزارة التربية والتعليم تُكثر من الحديث عن الاهتمام بالمعلم، وفي إحدى السنوات قالت هذا عام المعلم، لكن في الواقع لم نلحظ تغييراً جوهرياً في هذا الشأن. كلما طرحت هذا الموضوع للمعلمين تأتي ردودهم بما معناه: مجرد (فرقعات) إعلامية، انتهت بأعمال روتينية دون اهتمام واضح، مثلما هو حاصل في جائزة التميز التربوي.
جائزة التميز التربوي يجب أن تصبح جائزة لها قيمتها المعنوية قبل المادية. يجب أن يتم تطويرها؛ لتصبح جائزة وطنية، تُسلَّم في وقت محدود ومعلوم من كل عام، مثل يوم المعلم. يجب أن تشمل فروعاً عدة، كالتأليف والترجمة للمناهج ومصادر التعلم المساندة للمنهج، التميز في الإدارة المدرسية، الإبداع التقني، الإبداع التدريسي، الإبداع في النشاطات اللاصفية، التميز للمدرسة الأفضل، وغير ذلك من الفروع وفق معايير مقننة بما في ذلك الاختبارات الشاملة واختبارات القياس وهيئة التقويم التربوي... إلخ. يجب أن تكون جائزة تشحذ الهمم، وتحفز المعلم والإداري والمدرسة على التميز والتنافس الشريف. يجب أن يتنافس المعلمون وتتنافس المدارس والمناطق في الحصول عليها. يجب أن تعلَن بمصاحبة معرض ومؤتمر سنوي للتعليم في يوم / أيام يحظى جميع المعلمين فيه بإجازة لحضور المؤتمر. وغير ذلك من الأفكار التي تعلي قيمة الجائزة، بوصفها وسيلة لتكريم المعلم ومنظومته التعليمية بصفة عامة.
نحن نبالغ في نقد أداء المعلم، ونعمم الأحكام السلبية أحياناً بقصد أو دون قصد، بوصفه إحدى صفاتنا الاجتماعية - أقصد صفة التعميم - التي نكثر منها حتى تتحول من مجرد نقد لأداء يتصف به البعض إلى تعاميم على الجميع، تحبط من همم المتميز منهم، وتدفع اللا مبالي منهم إلى مزيد من البلادة والإحباط.
نحلم بأن نرى يوماً تكريمياً للمعلمين، يفوق يوم تكريم الرياضيين والفنانين.. فهل يفعلها سمو الأمير خالد الفيصل وهو الخبير بهذا الجانب عبر الجوائز العديدة التي له اليد الطولى في تأسيسها وتطويرها كجائزة الملك فيصل العالمية وجائزة مؤسسة الفكر العربي وجوائز المفتاحة وجوائز عكاظ وغيرها من الجوائز والاحتفاليات والندوات الثقافية الكبرى؟