في الوقت الذي يشعر فيه المواطن بالقلق بسبب ارتفاع أسعار بعض أنواع الأرز الذي وصل حسب بعض التقديرات إلى ثلاثين بالمائة وفق جريدة الرياض فإن من المقلق أيضا أن تكون نسبة الهدر في استهلاك الأرز كبيرة ومخيفة!!
لقد جنت علينا العادات والتقاليد التي فرضت أنماطاً استهلاكية غير رشيدة! هذه الأنماط تورَّطنا فيها تحت مسمى الكرم عندما نقيم الولائم أو في المناسبات الاجتماعية المختلفة وحتى في الاستهلاك المنزلي العادي.
هناك إسراف لا مبرر له في الاستهلاك ربما لا نلحظه مثلما يلحظه الأجانب المقيمون في البلد عندما يشاهدون طريقتنا في الاستهلاك والشراء. وهذه الظاهرة تكاد تكون عامة، وكلنا متورطون في الإسراف وإن كان بدرجات متفاوتة.
إن الضغط الاجتماعي كبيرٌ جداً لدرجة أنك لا تستطيع أن تفلت من الممارسات الإسرافية حتى عندما تكون من أشد المتذمرين والمعارضين للنمط الاستهلاكي الإسرافي السائد في مجتمعنا. فالعادات والتقاليد آسرة، ولا يمكن للإنسان أن يتصرف في معظم الأحيان حسب قناعاته وإنما يخضع لهذه التقاليد المؤسفة التي تتناقض مع الدين ومع العقل.
يقول رئيس اللجنة الزراعية والأمن الغذائي بالغرفة التجارية والصناعية بالرياض محمد الحمادي في حديث لجريدة المدينة إن الهدر في كميات الأرز في المجتمع السعودي تُقدر ما بين 35 في المائة إلى 40 بالمائة!! هذا يعني أننا نرمي في حاويات القمامة أكثر من ثلث وما يقارب نصف كميات الأرز التي نشتريها!!
ورغم شيوع وفداحة هذه الظاهرة فإن التوعية بخطرها وعبثيتها ومناقضتها للعقل والدين تكاد تكون غير موجودة. أنصت إلى خطباء المساجد وستجد أن أكثرهم مشغولون بقضايا أخرى أكثرها مكرر وليس له علاقة بواقعنا ومشاكلنا.
إن المعطيات التي بين أيدينا تشير إلى أن الأرز، وهو المادة الأساسية في غذائنا، سيشهد زيادات في الأسعار خلال الفترة القادمة لأسباب عديدة مما سيثقل على ميزاينات شرائح كثيرة من المجتمع. ولا شك أن الجهات الحكومية المعنية بالشؤون التموينية مطالبة بأن تقوم بواجباتها للتخفيف على المستهلكين ومعالجة أي تداعيات محتملة للارتفاع في الاسعار وخصوصاً إذا تم استغلال ظروف العرض والإنتاج العالمي لتحميل المستهلك فوق طاقته، لكنني في الوقت ذاته أتمنى أن نقوم جميعاً بواجبنا في التوعية بالآثار السلبية للإسراف في الاستهلاك وأن نكون قدوة لمن حولنا في الابتعاد عن النمط الإسرافي الذي أصبح -بكل أسف- ممارسة مترسخة في عاداتنا وتقاليدنا الاجتماعية.