ما لهم يقسون عليكم يا من تؤمنون بالمؤامرة، وتبلغ قسوتهم مداها حينما يحاولون منعكم حتى من القول بأنها ليست مؤامرة لأجل خوض غمار المؤامرات وحسب، بل هي لعبة مصالح تتطلب المؤامرة، ونستغرب ممن يستميت ليثبت بأن الأحداث تسير بشكل شبه عفوي، وأتمنى أن أعرف وجهة نظر هؤلاء الآن، بعد أن ظهر الوكيل الحصري للثورات العربية المباركة!، السيد برنارد ليفي في كييف، فهذا الأخطبوط الذي يسعى لمصلحة البشرية، ويصل ليله بنهاره محتسبا، لنشر قيم الحرية، والديمقراطية، والعدالة في أرجاء الكون، لا يتوانى عن الفزعة في أي بقعة جغرافية، وفي أي زمان، وأينما كانت هناك بوادر ثورة، أو حتى شبه ثورة!!.
هل تذكرون تلك الصورة التاريخية، والتي جمعت ليفي بعصابات القاعدة، في طرابلس، أيام ضرب الناتو لليبيا؟!!!، ولم يستنكر الحالمون بالديمقراطية تلك الصورة حينها، وكيف لهم أن يستنكروا، وهم من كان يصفق لطائرات الناتو، وهي تقصف ليبيا، وكان ذات المصفقون يبكون دما، أيام ضرب بغداد، من قبل الولايات المتحدة، ففي العراق، كانت أمريكا تسعى لاحتلال بلد عربي، أما في ليبيا، فقد كان الغرب في طريقه لنشر الديمقراطية هناك!!، وهي ديمقراطية نشاهدها في أجمل تجلياتها هذه الأيام!!، وغني عن القول: إن ديمقراطية العراق، والتي يقودها صدام العراق الجديد، نوري المالكي حاليا، تجلت بوضوح، حينما منع مطار بغداد هبوط طائرة خطوط طيران دولية، وذلك لأنها أقلعت من بيروت، دون أن تنتظر ابن وزير عراقي، ولم يعلم كابتن تلك الطائرة أن ابن الوزير العراقي كان يحمل معه ملفات هامة تتعلق بالطرق المثلى لتطبيق الديمقراطية، على طريقة الثورات العربية!!.
نعم، أمريكا، والاتحاد الأوروبي يسعون بقوة هذه الأيام لنشر قيم الديمقراطية في أوكرانيا، ويستميت أسوأ وزير خارجية في التاريخ الأمريكي، جون كيري، للدفاع عن حقوق الأوكرانيين في الديمقراطية، ويهدد، هو، ورئيسه أوباما روسيا بعواقب وخيمة، إن هي وقفت ضد رغبة الشعب الأوكراني!!، وللسيد كيري الحق في كل ذلك، فأمريكا لم تحتل العراق رغما عن أنف مجلس الأمن!، ولم تساهم في تنحية مبارك!، ولم تدعم التنظيم الدولي للإخوان المسلمين حكاماً في مصر، وتونس!، وحتى اللحظة لا تقف أمريكا ضد رغبة الشعب المصري!، كما أنها لا تزال تعتبر إيران عدوة لدودة، وما مفاوضاتها معها، والتقرب منها إلا لذر الرماد في العيون، تمهيدا لقصفها!، وحقا إذا لم تستحي فاصنع ما شئت، فالتسجيلات المسربة تشير إلى علم الاتحاد الأوروبي، عن طريق أعلى قياداته، في ترتيب أحداث أوكرانيا، وبرنارد ليفي يجلس القرفصاء هناك، في كييف، ولكن هذه المرة خصمهم هو بوتين، وروسيا، فهل يا ترى كسدت تجارة السلاح، وحان وقت الحرب الباردة من جديد، إذ المؤكد أن العالم يشهد إعادة رسم الخرائط من جديد، ويثبت التاريخ، مرة، بعد مرة، أن السلم، والأمن، ونشر القيم الإنسانية هي آخر ما يفكر فيه ساسة العالم الحر، والحكيم من يتعظ بغيره!!.