أكد السفير الصيني لدى المملكة لي تشنغ ون، أن بلاده تسعى لتعزيز التنسيق والتعاون مع المملكة في عدد من القضايا الهامة، وتطوير الشراكة الشاملة الأبعاد في مجال الطاقة، إلى جانب توسيع التعاون في مجالات التجارة والاستثمار والبنية التحتية والتكنولوجيا العالية والمالية والأمن وإنفاذ القانون، بما يثري العلاقات الإستراتيجية بين البلدين. كما لفت إلى أن حكومة بلاده تنظر بمنظور إستراتيجي وبعيد المدى إلى العلاقات الصينية السعودية، وأنها مستعدة لبذل جهود مشتركة مع الجانب السعودي لمواصلة تعزيز الصداقة والتعاون العملي بما يخدم مصلحة البلدين والشعبين.
وأوضح تشنغ ون، أن روابط الصداقة بين الصين والسعودية شهدت تطوراً شاملاً وسريعاً منذ إقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين في عام 1990، حيث ظل الجانبان يتبادلان التفهم والدعم في القضايا الكبرى التي تهم الجانب الآخر، وأحرز التعاون المشترك ثماراً وافرة في كافة المجالات، فأصبح البلدان صديقين حميمين وأخوين عزيزين وشريكين طيبين.
ونوه إلى إن المملكة تعد من أهم شركاء الصين في التعاون الاقتصادي والتجاري، وأكبر شريك تجاري في غربي آسيا وإفريقيا، حيث شهدت العلاقة الاقتصادية والتجارية بين البلدين في السنوات الأخيرة تطوراً مستقراً، ويتوسع نطاق التعاون باستمرار، مستدلاً على ذلك وصول حجم التبادل التجاري بين البلدين ووفقاً لإحصاءات الجمارك الصينية إلى 72.2 مليار دولار في عام 2013، إلى جانب الزيادة الكبيرة التي شهدها حجم مشروعات المقاولات للشركات الصينية في السعودية. وتابع: تحترم الصين النظام السياسي والطريق التنموي والثقافة والتقاليد في المملكة، كما تشكرها على تفهمها ودعمها للمصالح الجوهرية والهموم الكبرى للصين في ظل التغيرات العميقة التي تشهدها الأوضاع الإقليمية والدولية.
وقال السفير الصيني: تتكثف الزيارات المتبادلة على المستوى الرفيع بين الجانبين، وتتعمق الثقة السياسية المتبادلة باستمرار، ففي عام 2006 تم تبادل الزيارتين الناجحتين بين الرئيس الصيني هو جينتاو وخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، وتوصلا إلى اتفاق حول إقامة علاقات الصداقة الإستراتيجية والتي أدخلت العلاقات الثنائية إلى مرحلة التنمية الجديدة. وفي عام 2008 زار السيد شي جينبينغ (كان نائب رئيس الصين) المملكة، حيث تم توقيع «بيان مشترك لتعزيز التعاون وعلاقات الصداقة الإستراتيجية بين الصين والمملكة».
كذلك أجرى الرئيس الصيني هو جينتاو في عام 2009 زيارة ثانية للمملكة، وتم خلالها التوقيع على 5 اتفاقيات التعاون في مجالات الطاقة والصحة والحجر الصحي والمواصلات والثقافة. وفي عام 2012، زار رئيس مجلس الدولة ون جياباو المملكة حيث أعلن الجانبان عن بذل جهود رفع العلاقات الثنائية في الإطار الإستراتيجي.. كما أشار إلى قيام الجانبان الصيني والسعودي بالتواصل والتنسيق بشكل مكثف في الشئون الإقليمية والدولية، حيث يعمل كلا بلدينا على دفع عملية السلام بالشرق الأوسط، دعم شعوب العربية خاضة الشعب الفلسطيني لإستعادة حقوقهم الوطنية المشروعة وإقامة دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة كاملة على أساس حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية. كما يدعم كلا البلدين حلاً سياسيا لأزمة سوريا ويحترمان اختيار الشعب السوري بإرادته المستقلة، وقد بذلا جهودا جبارة في تخفيف الأزمة الإنسانية السورية، منوهاً إلى أن الجانب الصيني يدعم حسن الجوار والاحترام المتبادل والحل السلمي للنزاعات عن طرق سياسية بين دول منطقة الشرق الأوسط، كما يتطلع إلى بذل الجهود البناءة والمستمرة مع الجانب السعودي في صيانة السلام والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط ودعم السلام والتنمية في العالم.
وفي الشأن الإنساني، أكد تشنغ ون أن الشعب الصيني لن ينسى أبداً موقف الملك عبدالله بن عبدالعزيز في مايو عام 2008 بعد أن وقوع الزلزال الكبير في سيتشوان الصين، حين قرر فوراً التبرع بـ 50 مليون دولار وتقديم المساعدة المادية بقيمة 10 مليون دولار، وذلك كأكبر مساعدة من الخارج. وألحقت المملكة بتقديم 1460 غرفة متنقلة والتبرع بـ 1.5 مليون دولار لإعادة الإعمار في منطقة الزلزال.
وقال «إن هذه المساعدات تعكس مشاعر الصداقة العميقة التي يكنها الملك عبدالله والشعب السعودي تجاه الشعب الصيني الذي يشكر على مساعدة المملكة ولن ينسوها أبدا».. وتابع: الجميع يذكر في عام 2013 مشاركة بلاده كدولة الشرف في مهرجان الجنادرية السعودي، حيث تلاقت فعاليات الثقافية الصينية مع التراث الثقافة السعودية وحظيت باستقبال حار.
كما شارك الجانب السعودي كدولة الشرف في الدورة العشرين لمعرض الكتاب الدولي في بجين 2013 حيث عرضت للشعب الصيني الثمرات الإنسانية السعودية بما فيها الثقافة والأداب والطب و... إلخ.
وفي الشأن الاقتصادي، لفت السفير الصيني إلى أن بلاده تولي اهتماما بالغا بتعاون الطاقة مع السعودية وتتمتعان بإمكانات التكامل القوية في هذا المجال، مبينا في هذا الصدد استيراد الصين 53.9 مليون طن من النفط الخام من السعودية في عام 2013، ما يمثل خُمس إجمالي واردات النفط في الصين. وإضافة إلى ذلك، لدى البلدين آفاق واسعة في التعاون في مجال الطاقات المتجددة، مثل الطاقة الشمسية والطاقة الرياحية وغيرها. إن القدرة الإنتاجية للخلايا الكهروضوئية في الصين تبلغ 80 في المائة في العالم، وسترتفع في 2015م إلى ما فوق 35GW، لتحتل المركز الأول في العالم.. وأصبحت الصين أكبر دولة من حيث قدرة توليد الطاقة بالرياح، التي تبلغ 75.38 GW في نهاية عام 2012م.. وتابع: استثمرت المملكة 150 مليون دولار لبناء «الجناح السعودي» في إكسبو شانغهاي الصين 2010 حيث أعتبر أكثر جناح محبوب. في مجال البنية التحتية السعودية، بين تشنغ ون أن الشركات الصينية في المقاولات تشارك بعقد مشروعات كبيرة في كل نشاط، وتأتي بالتقنيات والخبرات الناجحة من الصين، بينما تلتزم بسياسة السعودة لتقديم فرص عمل أكثر محلياً. كما بنت الصين عشرة آلاف كيلومترات من خطوط سكك الحديدية عالية السرعة، وستبلغ خطوطها قبل نهاية العام الجاري 12 ألف كيلومتر، وهي الأطول في العالم. كما تحتل بلاده مقاماً متقدماً من حيث التقنيات وسرعة البناء في هذا الصدد. علماً أن السعودية وضعت الخطة الضخمة لبناء شبكة السكك الحديدية وترقيتها، ويمكن للطرفين تعزيز التعاون في هذا المجال.. وقال إن الصين على استعداد لتبادل تجارب التنمية مع السعودية، وتشجيع شركات صينية ذات قدرة عالية وسمعة جيدة على الاستثمار والمشاركة في بناء المملكة، وتقديم المنتجات والخدمات ذات الجودة والتقنية العالية، بما يعزز ويعمق التعاون الثنائي. وأكد السفير الصيني، أن بلاده تدفع بقوة من أجل إنشاء منطقة التجارة الحرة مع مجلس التعاون الخليجي، وإنه لأمر مهم يسهم في التنمية الطويلة الأجل للعلاقات بين الصين ودول مجلس التعاون الخليجي، وفي مقدمتها السعودية. وهذا لا يدفع نمو تجارة السلع فحسب، بل يعزز الاستثمار المتبادل، ويدعم الاستفادة المتبادلة في التقنيات والإدارة، الأمر الذي سيدفع التعاون العملي بين دول مجلس التعاون الخليجي والصين إلى مستوى جديد. ومشيراً إلى موافقة مجلس وزراء الخارجية لمجلس التعاون لدول الخليقبل بضعة أيام على استئناف المفاوضات حول منطقة التجارة الحرة مع الدول والمنظمات الأخرى، وذلك سيصب قوة دافعة جديدة في هذا الصدد. كما يجدر الإشارة إلى أن الصين قد طرحت مبادرة بناء «الحزام الاقتصادي لطريق الحرير» و»طريق الحرير البحري في القرن الـ21» مع دول آسيا وأوروبا، وتقع السعودية في منطقة التلاقي بين طريقي الحرير البري والبحري، وذلك سيخلق فرصاً وآفاقاً جيدة للتنمية والازدهار المشتركة للبلدين.
فيجب علينا أن نبذل جهوداً مشتركة لإحياء قيم طريق الحرير القديم، مما يعود إلى الشعبين الصيني والسعودي حتى شعوب الدول العربية بمزيد من منافع ملموسة.