انتشرت أخبار لم تؤكدها الدوائر الرسمية مفادها أن الشباب الذي تم إيقاف عدد كبير منهم خلال الأسبوع الماضي على خلفية قيامهم بأعمال عنف وحرق وقطع طرقات بمدينة بن قردان أقصى جنوب البلاد على الحدود مع ليبيا، اعترفوا أن بعض الأحزاب السياسية هي التي مولتهم ودفعتهم إلى تنظيم مسيرات احتجاجية سريعا ما تنقلب إلى اعتداءات على الملك العمومي والخاص.
وهو اعتراف يأتي في وقت تعالت فيه بعض الأصوات لتشير إلى وقوف عدد من الشخصيات السياسية وراء انتشار العنف في بن قردان حتى بعد فتح معبر رأس جدير هناك من طرف السلطات الليبية التي عادت وأغلقته في تكريس للعبة القط والفار مع التجار التونسيين.
ومع إعلان التجار وأهالي المنطقة بأنهم لم يشاركوا سوى في اليوم الأول من الاحتجاجات الشعبية التي شهدتها بن قردان بداية الأسبوع الماضي، طرح الشارع التونسي تساؤلات عدة حول هوية المحتجين الذين صعدوا من حركاتهم ونزعوا صبغة السلمية عنها بالرغم من تدخل قوات الأمن الداخلي التي تم تعزيزها بعدد من الفرق من الجهات المجاورة لبن قردان.
وساد الساحة السياسية والشارع التونسي لغط كبير حول هوية الأحزاب السياسية التي تريد إدخال الفوضى إلى البلاد وتعكير الصفو العام بعد الانفراج السياسي والاجتماعي الذي أعقب تولي حكومة الكفاءات المستقلة السلطة وإصدار الدستور الجديد.
وفي سياق غير متصل، تبدو بعض الأحزاب السياسية وقد انطلقت بعد في سباق انتخابي غير رسمي وذلك من خلال تكثيف اللقاءات مع القيادات الحزبية ومع القواعد في الجهات وفي الخارج وأساسا في دول الإتحاد الأوروبي حيث يعيش أكبر عدد من المهاجرين التونسيين الذين يشكلون قاعدة انتخابية يقرؤا لها ألف حساب.
وتتعدد المساعي من أجل عقد تحالفات تضمن النجاح في الانتخابات القادمة، حيث خيرت بعض القيادات الحزبية الدخول في ائتلافات مع أحزاب تتقارب معها في المرجعية الفكرية، عوضا عن خوض غمارها فرادى وبذلك تتشتت أصوات المقترعين.
وفي هذا الصدد رصدت مصادر إعلامية لقاءات جمعت قيادات حزبية سبق وإن تبادلت تحيات الود دون أن تعقبها اتفاقيات رسمية، من ذلك لقاء راشد الغنوشي زعيم حركة النهضة باحمد نجيب الشابي رئيس الهيئة التنفيذية للحزب الجمهوري، حيث جرى تبادل وجهات النظر بخصوص أمهات القضايا المحلية، وتبين تطابق الرؤى بما يوحي بإمكانية إنشاء تحالف إستراتيجي في الانتخابات المقبلة أو حتى بعدها في حال فوز النهضة بأغلبية مريحة على غرار ما حصدته من انتخابات 23 أكتوبر 2011.
والجدير ذكره أن هذا اللقاء يأتي بعد انسحاب الحزب الجمهوري من الاتحاد من أجل تونس وتغييبه عن جبهة الإنقاذ في ظلّ ترشيحات لمراقبين تفيد بوجود تقارب موضوعي في الرؤى والتصورات السياسية بين الجمهوري والنهضة بشكل يشي بإمكانية تحالفهما في قادم المحطات الانتخابية والحكومية.
وكانت مؤسسات سبر الآراء، وبالرغم من الانتقادات اللاذعة التي توجه لنتائجها التي يعتبرها البعض موجهة وغير نزيهة وتخدم أجندات معينة، أشارت إلى تقدم الباجي قائد السبسي زعيم حركة «نداء تونس» ورئيس الحكومة الأسبق على كافة المترشحين للانتخابات الرئاسية، بنسبة 19 بالمائة من أصوات المستجوبين يليه كل من حمادي الجبالي الأمين العام لحركة النهضة ورئيس حكومة الترويكا الأولى رفقة حمة الهمامي الناطق الرسمي باسم الجبهة الشعبية المعارضة بنسبة 4 فاصل 9 من أصوات العينة التي تم سبر آرائها، فيما تراجعت شعبية الرئيس المنصف المرزوقي بصورة واضحة ليسقطه التونسيون من حساباتهم الانتخابية بالضربة القاضية على خلفية زلاته الدبلوماسية الكثيرة وأدائه الهزيل على رأس الدولة.
وتعتبر هذه المرة الأولى التي يرتقي فيها الهمامي إلى هذا المركز بفضل تضاعف عدد مناصريه على خلفية تغيير خطابه المصطبغ بالعنف والذي أضحى مرتكزا على برامج سياسية واقتصادية وانتخابية بديلة جعلت جمهور المقترعين يميل في اتجاه مساندته بعد أن كان يستنكر عليه دعواته إلى الحراك الشعبي لأسباب واهية في اغلب الأحيان.
أما فيما يتعلق بالانتخابات التشريعية القادمة، فتشير نتائج سبر الآراء إلى أن نسبة نوايا التصويت لحركة نداء تونس في الانتخابات القادمة بلغت 25.7% بزيادة قدّرت بحوالي 5% عن شهر فبراير الماضي، فيما جاءت حركة النهضة في المرتبة الثانية بنسبة تقارب 21 بالمائة.