Sunday 23/03/2014 Issue 15151 الأحد 22 جمادى الأول 1435 العدد
23-03-2014

الإعلام والتربية .. تكامل أم تضاد؟

في منتدى قرطبة التربوي، يؤكد - الأستاذ - خالد بن حمد المالك - رئيس تحرير صحيفة الجزيرة -، على أن هناك أرضية توافقية مشتركة بين التربية، والتعليم، والإعلام، إن في الاتصال، والتوجيه، أو في خدمة قضايا المجتمع؛ لتشمل العلاقة بعد ذلك مختلف لحظات التفاعل بين الإنسان، والوسط الذي يعيش فيه؛ ولنصل إلى نتيجة حتمية، مفادها: أن العملية التربوية في بعض جوانبها، هي عملية إعلامية، وأن العملية الإعلامية في بعض جوانبها، هي عملية تربوية، وذلك عندما يسيران في تناغم، وضمن إطار قيم المجتمع، وأهدافه.

الرسالة بين الطرفين واحدة، وهدفهما واحد، وهما وسيلتان حاسمتان في استثارة فاعلية الأمة نحو النهوض، والتقدم، - لاسيما - وأن جوانب المفارقة، والمقاربة بينهما كثيرة، إلا أن المشكلة تكمن في أن متعلمي اليوم، لا يتعرضون لتأثير إعلام واحد، صادر عن جهة واحدة، يمكن التفاهم معها، فأصبحوا أسيري هذه الوسائل التجارية المتذبذبة القيم، تحاصرهم في كل زمان، ومكان، - إضافة - إلى وسائل تربوية تشكو التقليدية في خطابها، والرتابة في خطتها.

يذكر - الأستاذ - خالد المالك، أنه قبل أكثر من ثلاثين عاما، دُعي إلى ندوة حول هذا الموضوع، وكان عنوانها على شكل تساؤل، وهو: «ماذا يريد التربويون من الإعلاميين؟»؛ لتنتهي نتائج الندوة دون الوصول إلى حسم مقنع بين الطرفين. وهذا ما يجعلني أراهن على أن العلاقة بين الطرفين، لا تزال غير صحية، بفعل التأثير غير المتكافئ بين المؤسسات التربوية، والإعلامية؛ مما أفرز كثيرا من التناقضات في التربية، والسلوك، وحطم كثيرا من القيود، والثقافات، ولا أبالغ إن قلت: بأنها زعزعت العقائد في بعض النفوس. وهذا دليل كاف على أن الإعلام، كان هو القطب الأقوى في هذه المعادلة؛ نتيجة التأثير الكبير الذي تمارسه الوسيلة الإعلامية على كافة مناحي الوجود الإنساني. وفي المقابل، جمود وسائل التربية والتعليم، إذ لا تزال تحارب بأسلحتها التقليدية، بعد أن فقدت هيبتها، وتأثيرها - منذ زمن بعيد -.

لقد بات في حكم المفهوم، والمسلم به، أن دور الإعلام الواعي قائم على إكساب الناشئة القيم المرغوبة، وتزويدهم بالأخبار الصحيحة، والمعلومات السليمة، والحقائق المؤكدة. ولا بأس بتعزيز العمل على المشروع الدفاعي، والمتمثل في حماية الشباب من مخاطر وسائل الإعلام، والتركيز على كشف وسائله المزيفة، وقيمه غير الملائمة، وتشجيعهم على رفضها. وعندما تغيب هذه المفاهيم، فإن الثقافة المحلية ستتعرض لخطر الغزو الثقافي، - وبالتالي - إلى تهديد المنظومة القيمية لدى شعوبها.

ولأن المستقبل لا يقوم إلا على أكتاف هذا الجيل الناشئ، فإننا بحاجة إلى توعيتهم بكيفية التعامل مع هذا الكم الهائل من المضامين الإعلامية المتنوعة المشارب، وتكوين آراء واعية عنها؛ ليصبحوا بعد ذلك منتجين لمضامين المادة الإعلامية في إطار يخدم الأهداف المنشودة، - سواء - في الرؤى، والمفاهيم، أو حتى في التطبيقات التربوية.

ختم محاضرنا ندوته، وودعنا بقوله: «إن مشوار النجاح يحتاج إلى مزيد من الجهد»، - خصوصا - ونحن نعيش عصر الانفجار المعلوماتي، والمعرفي، والفكري، والتقني، والإعلامي، وهو أمر واقع من المستحيل تجاوزه. - ومن ثم - فإن آليات التفاعل مع العولمة، وبلورة حماية العلاقة بين التربية، والتعليم - من جهة -، وبين الإعلام - من جهة أخرى -، تستدعي تواصلا أكثر انفتاحا، وأكثر بعدا عن الخطاب المغلف بالأوامر، والنواهي؛ من أجل تنمية الحس النقدي، والمحافظة على معالم الهوية، وحتمية انفتاح المرحلة، فهل نحن فاعلون؟.

drsasq@gmail.com

باحث في السياسة الشرعية

مقالات أخرى للكاتب