تبرَّع سمو الأمير الوليد بن طلال بعدد 23 سيارة من طراز جيب لعدد من الشباب المشاركين في المهرجان السعودي للكوميديا، كما تبرَّع بسيارة فخمة لمدرب الهلال الوطني سامي الجابر، وقبلها بالمثل للفنان فايز المالكي. وقد وجد ذلك صدى كبيراً، وبخاصة في الأوساط الفنية والرياضية التي تقدر لسموه ذلك الدعم.
نحن هنا سنتجاوز الإشادة التي يستحقها سمو الأمير لهذا الفعل أو ذاك، ونطرح أسئلة نزعم أن سموه سيتقبلها بصدر رحب، وخصوصاً ونحن نلمس متابعات سموه وتفاعله مع الإعلام والمجتمع.
نبدأ بالسؤال التمهيدي: هل هي هدايا شخصية من سموه أم أنها تأتي ضمن أعمال مؤسسة الوليد بن طلال؟
البعض يعتبرها هدايا شخصية، أتت إعجاباً من قِبل سموه للمتبرع لهم، ولكل حريته في الإهداء لمن يشاء. هذا المفهوم يراه البعض يخالف المألوف عن رجال الأعمال في كونهم لا ينجرفون خلف العاطفة ورد الفعل الآني في تصرفاتهم، وإنما تنطلق أفعالهم من حسابات، يحكمها الربح والخسارة، والتعامل مع الأمور من منطلق الصفقات التي ينتظرون نتائجها لاحقاً!
التفسير الثاني لهذه التبرعات - وليس الهدايا - هو أنها تأتي ضمن اهتمام سموه بدعم العمل الاجتماعي والفني والرياضي، كجزء من المسؤولية الاجتماعية التي تتبناها شركات سموه الكريم. وهنا نشير إلى مبادرة سموه في تأسيس مؤسسة الوليد بن طلال الهادفة - كما أتصور- إلى تنظيم مساهمات شركاته في الجانب الاجتماعي والخيري، وليس مجرد تقليد بعض رجال الأعمال العالميين بإيجاد مؤسسة اجتماعية تحمل اسم سموه. هل دُرست وأُقرت تلك التبرعات للفنانين والرياضيين عن طريق المؤسسة؟
تساؤلاتي هذه ليست اعتراضاً على هدايا وتبرعات سمو الأمير الوليد؛ فهو صاحب المال؛ ويملك كامل الحرية في الإهداء والتبرع والتصرف فيه، وليست حسداً للمهدَى إليهم؛ فهم حتماً يحتاجون للدعم المعنوي والمادي بصفتهم الوطنية وبصفتهم الإبداعية، لكنها تساؤلات - كما أشرت - تأتي من باب الشفافية التي يشجعنا عليها تفاعل سموه مع وسائل الإعلام وتقبله للحوار والمشاركة في الهم المحلي والاجتماعي.
هل تحتاج الحركة الفنية والفنانون إلى هدايا سيارات أم كان الأولى إنشاء مقر مسرحي أو مركز ثقافي يجمعهم، أو التبرع بإنتاج أعمال فنية لهم أو برامج تدريب متقدمة عالمياً لصقل مهارات المتميز منهم؟ هل الأولى إهداء مدرب النادي المفضل - وهو المحترف ويتقاضى أجره عما يقوم به من عمل - سيارة تقدر قيمتها بمئات الألوف أم دعم تطوير مدرسة رياضية بالنادي، أو دعم تطوير منشآت النادي وتقديم ما يحتاج إليه فعلياً؟
بالتأكيد لا يحق لنا التدخل في نقد تصرفات رجل أعمال، عُرف بتميزه، لكنه من باب العشم بأن تصبح مؤسسة الوليد بن طلال النموذج الرائد في العمل الاجتماعي المؤسسي لرجال الأعمال بالمملكة. ما تقدمه المؤسسة على المستوى المحلي - ولا أتحدث عن القيمة المالية لأنني أجهلها - أمرٌ جيد، لكنه مكرر لما تقوم به بعض الجمعيات الخيرية العادية. بينما نحن نتوقع من المؤسسة مشاريع مجتمعية ثقافية تنموية علمية مبتكرة ومستدامة ومتنوعة في خدمة قضايا المجتمع وفق أولويات مدروسة ومقننة. نتوقع أن تكون مؤسسة عالمية لديها آليات علمية موضوعية واضحة في نوعية المبادرات التي تتبناها، وفي معايير تنفيذها ومتابعتها؛ لتصبح منتجات ناجحة، تحمل صفة الديمومة والجودة..
نكرر تقديرنا لسمو الأمير ومبادراته المتنوعة، كما نقدر له رحابة صدره بتقبُّل أسئلتنا وملاحظاتنا التي أتاحتها المساحة أعلاه، وندعو لمؤسسته الخيرية بمزيد من التقدم في دعم العمل الإنساني والمجتمعي..