تمّ الترحيب بعملية تعيين ساتيا ناديلا رئيساً تنفيذياً لشركة «مايكروسوفت» خلال الشهر الماضي بعناوين صحف من بينها، «ما سبب حبّ «مايكروسوفت» وكل من تبقّى للرؤساء التنفيذيين الهنديين؟»، في تذكير بعنوان بارز في صحيفة «تايم» صدر في العام 2011، ورد فيه أنّ «أهم ما تصدّره الهند هو الرؤساء التنفيذيون». ولكن هل ارتقى الهنود فعلاً بمقامهم إلى القمة في المؤسسات الكبرى حول العالم؟
يُظهر تحليل منهجي لبيانات منتصف العام 2013، الصادرة عن المؤسسات الأعلى دخلاً في العالم ضمن قائمة شركات «فورتون العالمية الـ500»، أنه في تلك المرحلة، لم تكن هناك سوى ثلاث شركات غير هندية بقيادة رؤساء تنفيذيين هنديين، هي «أرسيلور ميتال» (لاكشمي ميتال)، و»دويتشه بنك» (أنشو جاين) و»بيبسي كو» (إندا نوي)، وهو بالتحديد عدد الشركات غير البرازيلية التي يديرها رؤساء تنفيذيون برازيليون.
هل تشير ندرة الهنديين في المناصب القياديّة داخل مؤسسات قائمة شركات «فورتون العالمية الـ500» إلى انعدام صحّة تأكيدات سي كاي براهالاد بأنّ «نموّ أحد الأشخاص في الهند يُعتَبَر إعداداً مذهلاً لتولّيه منصباً إداريّاً»؟ ليس الأمر كذلك بالضرورة، فالهنود حقّقوا نجاحات إدارية عظيمة في الخارج، وارتفعت نسبة شركات التكنولوجيا الناشئة بقيادة هنديين في سيليكون فالي من 7 في المئة في ثمانينيات القرن العشرين وتسعينياته إلى ما لا يقلّ عن 13 في المئة، مع بعض التقديرات التي تشير إلى أنّ هذه النسبة تزيد عن 25 في المئة. وقد ورد في أحد الترجيحات خلال العام 2007 أن الجالية الهندية مسؤولة عن نحو ثلث إجمالي الناتج المحلي الهندي برمّته، وأنّ القسم الأكبر منه يأتي من منطقة سيليكون فالي.
ولا تتمثّل الرواية الخياليّة الفعليّة بنجاح الهنديين في الخارج، إنما بكون كبرى شركات العالم قد اكتسبت طابعاً عالمياً إلى حدّ يجعل أصولها القومية غير مؤثرة في هوية من تختار في منصب الرئيس التنفيذي. وتجدر الإشارة في هذا الصدد إلى أن نسبة 13 في المئة فقط من شركات «فورتون العالمية الـ500» يديرها رؤساء تنفيذيون يتباهون بانتمائهم إلى خارج البلاد التي يقع فيها المقر الرئيسي للشركة.
ومن الضروري المقارنة بين شهرة الهند كمصدّرة رؤساء تنفيذيين وبين ندرة الرؤساء غير الهنديين في المؤسسات الهندية الكبرى، والتنبّه إلى أنّه ما من رئيس غير هنديّ يترأس أياً من الشركات الهندية الثماني ضمن قائمة شركات «فورتون العالمية الـ500». والواقع أن ثلاثاً فقط من 112 شركة ضمن قائمة شركات «فورتون العالمية الـ500» في مجموعة دول بريك (البرازيل، وروسيا، والهند، والصين) يديرها رؤساء تنفيذيون من خارج البلاد.
وليس تعيين ناديلا مفاجئاً تماماً إن فكّرتم في أن أكثر من ثلث القوى العاملة في «مايكروسوفت» هو من أصول هندية، وفقاً للتقارير، وفي أنّ الشركة تجني نحو نصف دخلها خارج الولايات المتحدة. ومع ذلك، يبعث نجاح ناديلا برسالة بالغة الإيجابية إلى موظفي الشركة الذين يتمتعون بقدرات عالية، ومفادها أنه في هذه الشركة، يمكن للمرشح الأفضل، بغض النظر عن أصوله، أن يرتقي بمقامه إلى القمة.