في يوم الثلاثاء الموافق 3-5-1435هـ صدرت حركة نقل المعلمين والمعلمات، ولاشك أن المسؤولين في وزارة التربية والتعليم وعلى رأسهم صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل حفظه الله وسدد خطاه قد بذلوا جهودهم وسلكوا كل الطرق المؤدية إلى العدل والإنصال ومراعاة المصلحة العامة للمعلمين والطلاب، وكما تفضلت الوزارة بفتح باب الصراحة والشفافية والوضوح فتحت مشكورة باب التظلم على مصراعيه مدة خمسة عشر يوماً، لأن القائمين على هذا العمل يدركون أنه عمل بشري يعتريه النقص ولا يمكن بحال من الأحوال أن يرضي الجميع.
ولما كان هذا الباب واسعاً بحرص المسؤولين على المصلحة العامة، طويلاً بصدورهم الرحبة التي تستقبل الملحوظات وتدرسها وتعمل بالمفيد منها فإني آمل أن تمر منه ملحوظاتي إلى مكتب صاحب السمو الملكي وزير التربية والتعليم الحريص كل الحرص على مصلحة أبنائه من المعلمين والمعلمات والطلاب والطالبات والتي تتلخص في أن منهجية حركة النقل - كما أظن ولعلي مخطئاً - لم تفرق بين كل أوضاع المعلمين والمعلمات وظروفهم الخاصة فالمعلمة التي تركب وسيلة نقلها إلى المدرسة قبل أذان الفجر بساعة كاملة على طرق خطرة بعضها غير ممهد تمشي عليها أكثر من ساعتين ثم تؤدي عملها وتعود إلى منزلها حوالي الساعة الرابعة منهكة من طول الطريق وعناء السفر وخطره تتساوى في آلية النقل مع من تخرج من بيتها إلى مدرستها بخطوات معدودة، إضافة إلى أن المعلم والمعلمة اللذين يعينان في القرى والهجر قد يدرسان حوالي خمس عشرة مادة علمية، وهذا مما يضاعف عليهما العناء والمشقة في التحضير العملي والنظري ووضع الأسئلة وتصحيح أوراق الإجابات وفي جميع الأعمال المكلف بها أعضاء هيئة التدريس بخلاف من في المدينة الذي قد يحضر مادة واحدة يضاف إلى ذلك أن النسبة العالية من رواتب المعينين في القرى والهجر تذهب لتكاليف السكن التي قد تصل إلى ستة آلاف ريال في الشهر الواحد كما في الشقق المفروشة المتوسطة في مدينتي بريدة والرس وتكاليف النقل التي قد تصل إلى ثلاثة آلاف ريال في الشهر كما في النقل من بريدة إلى عقلة الصقور وألفي ريال كما في النقل من الرس إلى الظاهرية. إن من هذه حاله من المعلمين والمعلمات يستحق تقدير ظروفه الصعبة وتعويضه عما يلاقي من عناء السفر واحتمال الخطر المحدق به كما في كثير من طرق القرى والهجر ولا سيما التي يتعذر سكن محارم المعلمات فيها لظروف صحية أو غيرها لا يستطيع الجميع تلافيها.
إن من الإنصاف - في رأيي - أن تقدر هذه الظروف في آلية النقل ويكون لها وزن ثقيل في معاييره. وقبل النقل فمن الإنصاف أيضاً أن تحسب له الساعات التي يقضيها في الطرق من وقت دوامه فيخفف جدوله حتى وإن بلغت يوماً كاملاً، لأنه منذ خرج من بيته حتى يعود إليه وهو يبذل جميع أوقاته وجهده، وكل طاقاته الحسية والمعنوية في سبيل عمله، كما آمل أن يضاف إلى حركة النقل الخارجي المعهودة حركة أخرى بعد تعيين المعلمين والمعلمات الجدد الذي يصدر عادة في مطلع كل عام دراسي ويفتح مجالاً ويعطي مساحة للحركة وان كانت أقل من الأولى، هذه الحركة بحاجة إلى يد تتلمس برأفة وشفقة الظروف الصعبة وتستقصيها وتواسي أصحابها أو تسليهم أو تشعرهم - بما تراه الوزارة - بمشاركتهم في آلامهم وآمالهم على حد قول شاعرنا العربي:
ولابد من شكوى إلى ذي مروءة
يواسيك أو يسليك أو يتوجع
وعلى غرار لجان الرحمة التي كانت تتفقد نتائج الاختبارات ولها نصيب وافر من اسمها، ولا شك أن المعلم أو المعلمة اللذين لم ينقلا في الحركة الأولى ويمسكان بأيديهما حبال الأمل والرجاء ويتطلعان للنقل في الحركة الثانية سيكونان أجود أداء وأحسن معاملة مع زملائهما وطلابهما ممن تقطعت حبال أمله وغابت شمس رجائه مدة لا تقل عن سنة دراسية كاملة، وما أحوجنا لفتح باب قلب المعلم وإدخال السرور والأمل عليه لينعكس أثر ذلك على أدائه تربية وتعليماً.
مرة أخرى أكرر الشكر والتقدير وأسأله سبحانه وتعالى أن يوفق الجميع لما فيه مصلحة العلم وطلابه.