كرة القدم أصبحت هي لعبة الشعوب ومحبوبة الجماهير في كل أرجاء المعمورة، حتى في الولايات المتحدة التي كانت تواجه بظهرها لكرة القدم بدأت الحياة تدب في الملاعب، وفي انتفاضة جماهيرية كبيرة تشجع كرة القدم ودعم تجاري متنام..
وصحيح أنها لا تزال ربما رابع أو خامس لعبة جماهيرية بعد كرة القدم الأمريكية والبيسبول والسلة والهوكي.
يطرح المقال سؤالا لماذا لم تستفد الأندية السعودية من تجارب عالمية في رياضات الدول المتقدمة؟
ولنبدأ بإحصاءات عالمية، ففي إحصائية جديدة عن أهم الأندية في العالم جاء نادي الشباب السعودي في الترتيب السادس عشر عالميا، ثم الهلال في الترتيب عشرين، ثم الأهلي في الترتيب ثمانية وثلاثين ونادي النصر في الترتيب ثلاثة وأربعين أما الاتحاد فوقع في الترتيب سبعين بين الأندية العالمية. وهذه أحدث إحصائية وصل لها موقع football Club World Rankings التابع لمعهد تدريب دولي.
وتستعرض الإحصائيات باقي الأندية السعودية حيث احتل نادي الاتفاق المرتبة 151 والفتح المرتبة 156 والتعاون 175 والرائد 201 والفيصلي 250 ونجران 268 والعروبة 296 ، وأخيرا يقع نادي النهضة في آخر قائمة الأندية السعودية في المرتبة 452.
وطبعا في نفس القائمة جاء بايرون ميونخ أولا وريال مدريد ثانيا وبرشلونة ثالثا واتليتكو مدريد رابعا وتشلسي خامسا وأرسنال سادسا..
وعلى الرغم من غرابة هذه الإحصائية إلا أنها لموقع عالمي باللغة الانجليزية ويبني هذا التصنيف على مؤشرات معينة تنتهي بمجمل نقاط تستمد من عدد المعايير غير الواضحة.
ولعبة التصنيفات وخاصة في الرياضة قد تطرح تساؤلات عن المنهجية التي يتم بموجبها تصنيف هذه الأندية.
ونحن سعداء أن يكون نادي الشباب السعودي في الترتيب السادس عشر عالميا، ولكن نتمنى أن تكون هناك معايير واضحة تحدد كيفية التقييم.
وهناك تصنيفات أخرى من البرازيل (مركز بلوري) قد أعلن عن تصنيفاته للعام 2013م ووضع نادي الهلال في المرتبة مائة وواحد كثالث ناد عربي بعد الأهلي المصري (21) والترجي التونسي (54).
وبطبيعة الحال أتى كذلك نادي بايرن ميونخ الأول عالميا وبرشلونة ثانيا وتشلسي ثالثا وبروسيا دورتموند رابعا وريال مدريد خامسا.
هذا التضارب في التصنيفات يتفق على تراتبية قريبة للأندية الكبيرة في العالم، ولكنه يختلف حول الأندية الصغيرة.
ولهذا فالهلال يقع في الترتيب مائة وواحد في أحد التصنيفات بينما يقع في ترتيب عشرين في تصنيف آخر.
وعلى الرغم أن تصنيف بلوري يعكس نتائج الأندية خلال عام 2013م بينما التصنيف الآخر يعكس اللحظة الحالية أي عام 2014م، إلا أن التصنيف الأخير مشكلته عدم توضيح معايير التقييم، رغم بحثي في الموقع عن آليات ومنهجيات التصنيف التي لم أجدها.
ولا شك أن التصنيفات تعطي دفعة قوية للأندية بمقارنتها بباقي أندية العالم.
فلربما يعطيها أبعادا جديدة تستفيد منها أنديتنا الرياضية. وربما من أهم أوجه هذه الاستفادات هو التسويق الذي تنجح فيه الأندية العالمية، بينما أنديتنا لا تزال تراوح في مكانها معتمدة على سيولة أعضاء الشرف ومدى دعمهم لأنديتهم، فلم يستطع أي ناد سعودي تقريبا أن يستثمر لعبة كرة القدم بالشكل المطلوب، ولهذا فإن مديونية الأندية تتضاعف عاما بعد عام، وبعض الأندية تعلن إفلاسها في نهاية كل موسم رياضي.
ويستغرب الكثير من الناس الأموال الكبيرة التي يتم فيها شراء لاعبين بمبالغ كبيرة جدا في الأندية العالمية، قد تصل إلى أكثر من مائة مليون يورو للاعب واحد.
ولكن إذا أخذنا حالة واحدة فقط توضح نجاح التسويق، فإن لاعبا مثل كرستيان رونالدو تم شراؤه بحوالي تسعين مليون يورو لنادي ريال مدريد في أول ارتباطه بالنادي، ولكن الحقيقة التسويقية التي تغيب عن الأذهان أن فانيلة كرستيان رونالدو رقم (7) فقط قد وصلت إيرادات مبيعات هذه الفانيلا في العام الأول وربما الثاني ما يعادل قيمة مبلغ شراء اللاعب.
كما أن مباراة الكلاسيكو التي لعبها ريال مدريد على ملعبه ضد برشلونة الأحد الماضي قد يكون عائد نادي الريال ما يصل إلى (وهذه حسابات شخصية) أكثر من ثلاثين مليون ريال سعودي في تلك المباراة فقط، وقد يتضاعف هذا الرقم لأن المعطيات ليست متاحة، بعيدا عن السوق السوداء التي بيعت فيها التذكرة الواحدة بعدة آلاف من الريالات.
وهناك تسويق إعلامي وترويج تجاري مستمر للأندية العالمية لحشد جماهيري بكل مباراة يصل في كثير من الأحيان إلى بيع كامل التذاكر، إضافة إلى خدمات المسئولية الاجتماعية للأندية التي تقدم فيها خدمات نوعية تكسب فيها ريادة معنوية وحبا جماهيريا كبيرا.
وما ينقص الأندية السعودية هو العقل التسويقي الذي يفكر في تسويق المباريات، وتسويق اللاعبين، وتسويق النادي بشكل عام، تسويق أحداث خاصة بالنادي، تسويق التصنيفات، .. الخ من حزمات تسويقية كبيرة لأي ناد، وخاصة الأندية ذات الجماهيرية العالية كالنصر والاتحاد والهلال وغيرها من الأندية .. إن نظرة إلى الوضع المالي للأندية يفرض أن تكون هناك فرق متخصصة في الإعلام والتسويق من أجل إنقاذ الأندية من ضعف مواردها.
ولا شك أن القطاع الخاص بالمملكة يعد من أكبر القطاعات الخاصة في المنطقة، ولديه القدرة أن يساهم بشكل جدي في دعم الرياضة إذا تمكنت فرق التسويق من إقناع تلك القطاعات بالفوائد الترويجية لمنتجاتهم وخدماتهم من خلال الرياضة التي توفر لهم قاعدة جماهيرية كبيرة.