فيرجينيا روميتي في «أي بي أم». وميغ ويتمان في «هيوليت باكارد». وماريسا ماير في «ياهو». قد يوحي حضور هؤلاء النساء وغيرهنّ بأن قطاعات العلوم والهندسة والتكنولوجيا ترحّب بالنساء عموماً.
إلاّ أنّ حضور النساء في مناصب قيادية عليا يُعتبَر نادراً ومتفرقاً في مجالات العلوم، والهندسة، والتكنولوجيا. إلى ذلك، يشير بحث جديد أجراه مركز ابتكار المواهب إلى أن النساء الأميركيات اللواتي يعملن في مجالات العلوم، والهندسة، والتكنولوجيا أكثر عرضة للرحيل عن القطاع في سياق السنة بالمقارنة مع نظرائهنّ الرجال.
والأمر مؤسف فعلاً، بالنظر إلى أن النساء العاملات في مجالات العلوم، والهندسة، والتكنولوجيا في الولايات المتحدة، والبرازيل، والصين، والهند، ملتزمات بعملهنّ وبمسيرتهنّ المهنيّة، وإلى أنّ أكثر من 80 في المئة من النساء الأميركيات يعربن عن حبّهنّ لعملهن، علماً بأنّ هذه النسبة تقارب 90 في المئة في البرازيل، والصين، والهند.
وبالتالي، لماذا تتوقف النساء عن العمل ويخرجن من السوق؟ تكشف الدراسة أن بيئة شركات العلوم، والهندسة، والتكنولوجيا، تشمل «عناصر مستضادة» نافذة، تحول دون مشاركة النساء بكامل قدراتهنّ، وأنّ التفرقة الجنسيّة هي قاسم مشترك يبرز في الثقافات التي تُظهر عدائية حيال النساء. ونخصّ بالذكر في هذا الخصوص: «ثقافة ثوب المختبر» في مجال العلوم، حيث يُقدَّر العمل لساعات مفرطة، ويُعاقَب كل من يحتاج إلى دوام مرن، كي يتسنّى له مثلاً إحضار الأطفال من الحضانة؛ و»ثقافة الخوذة الواقية» في مجال الهندسة، حيث يطغى الطابع الذكوري، فتضطرّ المرأة إلى التأكد من أنّ ملابسها محتشمة في أوقات العمل، لتتجنّب الصفير المتواصل عند رؤيتها؛ و»ثقافة مكاتب مهووسي العلوم» في مجال التكنولوجيا، حيث تسبه النساء، وفقاً لدراسة مركز ابتكار المواهب، أعضاء أخوية تضمّ طلاّباً كثيري المذاكرة، يسود في أوساطهم تنافس شديد. وتعمل هذه الثقافات على تهميش المرأة وتمنحها شعوراً بأنّها معزولة.
ولكن ثمّة دعائم واعدة للتغيير، ويتمثّل الحل الأوضح بتوفير الرعاية، بالنظر إلى أنّ الجهات الراعية تساعد من في عهدتها على فك الرموز الخفية للحضور الإداري، وتعزز فرصهم لينظَر إليهم كقادة محتملين.
ولكن ما أكثر الصعوبات في مواجهة النساء الباحثات عن جهات راعية في مجالات أخرى، وهي صعوبات مبالغ فيها في مجالات العلوم والهندسة والتكنولوجيا، علماً بأنّ الأشخاص الذين يقدّمون الرعاية يميلون إلى مساعدة الأشخاص الذين يذكرونهم بأنفسهم. وبما أن كبار القادة في مجالات العلوم، والهندسة، والتكنولوجيا هم بمعظمهم رجال بيض البشرة ، تتفاقم الصعوبات في مواجهة النساء العالمات، والمهندسات، وخبيرات التكنولوجيا الراغبات في الحصول على هذا النوع من المساعدة العفوية.
ويتزايد الطلب على المواهب في مجالات العلوم، والهندسة، والتكنولوجيا: وفي هذا السياق، يتوقع مكتب إحصاءات العمل الأميركية زيادة في وظائف مجالات العلوم، والهندسة، والتكنولوجيا، بنسبة 17 في المئة ما بين العامين 2008 و2018، علماً بأن هذه الأرقام ستتزايد بأضعاف في البرازيل، والصين، والهند، حيث تُعتَبر مجالات العلوم، والهندسة، والتكنولوجيا المحرّكات التي تسمح بمضي هذه الاقتصاديات قدماً.
وبالنظر إلى التهافت العالمي على المواهب في قطاعات العلوم، والهندسة، والتكنولوجيا، لا يمكن، بكل بساطة، أن تتكبد الشركات تكاليف خسارة نساء قادرات.