عندما أعلن عن تولي صاحب السمو الملكي الأمير مقرن بن عبدالعزيز ولاية ولاية العهد، طفق الناس يبحثون عن الأخبار وتحليلاتها، وشقي البعض منهم في تتبع الشائعات والتبريرات في محاولة لفهم معاني هذا القرار وتبعاته، ومع أنني لا أدعي فهم محركات ودوافع كثير من القرارات السياسية القيادية في المملكة، إلا أنني أجزم أن هذا القرار بالذات لم تخف على أحد دوافعه ومبرراته، وحيث إن هذا الأمر يؤثر في شؤوننا كمواطنين بصورة مباشرة، فعلينا أن نهتم به من هذا الجانب، وعن نفسي أقول إنني لا أهتم كثيراً بما يقال حول تقاليد وتراتيب ولاية الأمر بقدر ما يهمني استقرار مؤسسة الحكم وتوافق أعضائها، وهو ما كان محور اهتمامي وأنا أتابع مراسيم مبايعة سمو الأمير مقرن، حيث تبين مدى التلاحم والامتثال من كبار رجالات آل سعود لرغبة خادم الحرمين الشريفين - أمد الله في عمره بصحة وسعادة.
ما يعنيني كمواطن هو الاستقرار في ولاية الأمر واستطالة النظر في مستقبلها، فذلك الأمر مطلوب بصورة ملحة لتمكين طمأنينة المشاعر وإراحة البال وصرف الاهتمام للعمل والتنمية وعمارة البلاد بالاستثمار في مناشط التجارة والصناعة والخدمات، فاقتصاد المملكة اليوم بات من الاقتصادات العالمية التي يتجاوز تأثيرها محيطها القريب وبات العالم برمته ينظر لاستقرار بلادنا نظرة إعجاب وتقدير وهي تحاط بالقلاقل من كل جانب، لذا أتى هذا القرار ليعزز هذه الثقة العالمية ويؤسس قناعة راسخة بأننا بلاد متجانسة ومتلاحمة في كل مكوناتها الاجتماعية، وأننا قادرون على تأصيل هذا التلاحم من خلال تكوين سلسلة ولاية للأمر تماثل البلدان المستقرة والمماثلة لنظام الحكم الملكي، بحيث تنتفي مقولة «أن الغموض يلف مستقبل القيادة في المملكة» والتي طالما رددها ذوو المآرب المشبوهة، فحين يستطيع المواطن في بريطانيا أو أسبانيا وبلجيكا او حتى اليابان أن يستطلع مستقبل التاج في تلك البلدان نظراً لتنظيم التداول الرأسي للحكم في تلك البلدان، فإن قرار وجود ولي مسمى لولي العهد في النظام الملكي السعودي يقرب تنظيم التداول المبني على اختيار هيئة البيعة من نظام التداول الرأسي، ويراودني شعور بأن هذا القرار سيصبح تقليداً في المستقبل، بحيث يكون هناك دائماً ولي لولي العهد، فذلك يجعل استقرار الحكم محل ثقة واطمئنان المواطنين لكون تلك الولاية مضمونة بقرار هيئة البيعة وبيعة المواطنين.
لذا، وأنا واحد من المواطنين أبايع صاحب السمو الملكي الأمير مقرن بن عبدالعزيز على الولاء والطاعة في المنشط والمكره واليسر والعسر، وأدعو الله له بالتوفيق لما يحبه ويرضاه، وأن يكون خير عون لولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز. وأبتهل للمولى أن يمن بالعافية على ملكنا المبجل خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز.