من بين الشواهد الكثيرة المبرهنة والدالة على التفكير الإستراتيجي والتخطيط المستقبلي العلمي المدروس داخل أروقة وزارة التعليم العالي «المؤتمر العلمي لطلاب وطالبات التعليم العالي في المملكة العربية السعودية « والذي ينعقد في دورته الخامسة نهاية هذا الشهر في العاصمة الرياض.
لقد أحدث هذا الحدث السنوي المميز والذي يشرف برعاية كريمة من لدن مقام خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز حراكاً بحثياً وإبداعياً وابتكارياً وفنياً رائعاً ومتميزاً في الأوساط الطلابية بجامعاتنا السعودية، وتعززت المشاركات وقوية المنافسة الشريفة بين الجامعات حين وجه معالي وزير التعليم العالي الأستاذ الدكتور خالد بن محمد العنقري بمنح المتفوقين في المؤتمر الرابع العام الماضي بعثات خارجية وإشراكهم في مؤتمرات دولية وإلحاقهم ببرامج تحفيزية.
لقد أدرك المخططون في الوزارة أهمية البحث العلمي، والنشاطات الإبداعية والابتكارية في حياة الطالب، وأثر المنافسة الإيجابية في بعث الهمم وتقوية الإرادة، فكان هذا المشروع الذي ينم عن رؤية ثاقبة وفهم عميق لمتطلبات المرحلة الجامعية في هذا الوقت بالذات.
إن المتتبع للبدايات عام 1431هـ، والراصد للنتائج والنهايات، والمستشرف للمستقبل والمآلات يلحظ وبشكل قوي أن الجامعات بلا استثناء بدأت في السنتين الأخيرتين على وجه الخصوص تولي هذا المؤتمر أهمية خاصة، وتعقد قبل أن تصل إلى هذا التاريخ المضروب للتكريم على مستوى المملكة منافسةً بين طلاب وطالبات الأقسام، صعوداً للكليات، وصولاً للجامعة، ومن ثم الرفع للجنة الوزارية من أجل دخول التصفيات النهاية رغبةً وطمعاً في صعود منصة التتويج والحصول على جوائز المراكز المتقدمة في الفروع المختلفة .
لقد اتجهت الكثير من جامعاتنا السعودية القديمة منها والناشئة لعقد دورات متخصصة تهدف إلى تنمية مهارات طلابها وطالباتها سواء في مجال البحث العلمي المتخصص أو الفن التشكيلي أو التصوير والإخراج أو الابتكار وتسجيل المخترعات أو المشاريع الريادية والعلمية و... والفضل في هذا يعود إلى قناعة وإيمان مديري الجامعات ومسئولي النشاط الطلابي فيها بأهمية تميز المشاركة في المؤتمر العلمي - محل الحديث - الذي يعد علامة فارقة وبصمة خاصة لوزارة التعليم العالي السعودي، وكان من بين النتائج التي نقرأها على أرض الواقع وتستحق الإشارة والإشادة في هذا المقام:
* اهتمام طلاب وطالبات مرحلة البكالوريوس والدراسات العليا بالبحث العلمي والابتكار ومشاريع المبادرات وريادة الأعمال.
* ثقتهم بأنفسهم في خوض المنافسات الدولية فضلاً عن الإقليمية والمحلية.
* كتابة مجموعة من الأبحاث والدراسات العلمية المتخصصة والمتميزة والتي نالت شرف التكريم وحقها الطباعة والإشادة.
* تنمية المهارات الابتكارية لدى جمع من الطلاب والطالبات الذين يتمتعون بجذوة الموهبة ولم يتم اكتشافهم من قبل.
* وجود فرق بحثية تؤمن بالعمل الجماعي ويستفيد أعضاؤها من بعضهم البعض ويتعاونون مع بعضهم البعض في إنجاز عمل علمي واحد.
* تعرف طلاب وطالبات الجامعات السعودية على بعضهم البعض، ومد جسور التواصل بينهم، وتعزيز العلاقات، وتقوية أواصر المحبة بين شباب وفتيات المملكة شرقها وغربها شمالها وجنوبها.
إن ما سقته من أمثلة وشواهد في هذه الرباعية هي غيض من فيض لما أعرفه ويعرف أكثر منه القريبون من الأوساط الأكاديمية، المعايشون والمتابعون لما يحدث داخل مدننا الجامعية، ولو كان مني الاستفاضة لطال بنا المقام، وتشعب الحديث ولكنني أردت من هذه المقالات الأربع التدليل على التفكير الإستراتيجي في تعليمنا العالي، والتأكيد وبيان أهمية امتلاك رؤية مستقبلية توجه نشاط مجموعة فرق العمل في جميع مؤسساتنا التنموية وإداراتنا الحكومية العليا والمتوسطة والدنيا عبر محطات محددة ومعلومة، ومن خلال مشاريع نوعية متميزة ومدروسة للوصول إلى الأهداف المنبثقة من رؤيتنا لذواتنا الوظيفية لا الشخصية، دمتم بخير وإلى لقاء والسلام.