فاصلة:
(من يمارس حقه لا يسيء إلى أحد)
- حكمة عالمية -
لعلنا نتفق أن هناك عقلاً ذكورياً، كما أن هناك عقلاً نسوياً، ولأنني في المقالين السابقين تحدثت عن طاقة الأنثى الخلاّقة وعن أسباب تشويهها، كان لا بد أن أتحدث عن العقل النسوي والذي تسبب بشكل كبير في تشويه طاقة الأنثى الخلاّقة.
كيف يعمل العقل النسوي ولماذا يعمل بآلية كهذه؟
فإذا كان العلم أثبت أن اكتمال تكوين عقل المرأة بيولوجياً يسبق نظيره في الرجل، كما أن عقل الرجل أنثويٌّ في أصله حسب اكتشاف عالم التشريح عمرو شريف، وإذا كان تقرير نقص عقل النساء لم يثبت بنص ديني، فلا بد أن نتعرف إلى عمل هذا العقل غير الناقص بحسب إشكاليته، أو حسبما تقول «ملاك الخالدي» «إن المعضلة ليست وليدة الحقبة الراهنة، بل إشكالية تاريخية ذات أبعاد ذكورية وأيدولوجية وبيئية واجتماعية، تعود في تشكّلها إلى ما قبل الفيلسوف المقدوني اليوناني «أرسطو» الذي رأى في المرأة رجلاً ناقصاً لا دور لها سوى الإنجاب وتربية الأطفال!»
والإشكالية أن النساء أنفسهن استجبن لنمطية عقولهن دون إرادة، وإنما بسبب إصابة هذا العقل بالخوف حسب ما مر به من تاريخ اجتماعي استطاع عزله وتعنيفه.
ولذلك فإن أول خطوة تخطوها النساء باتجاه العيش وفق طاقة الأنثى الخلاّقة هو التخلص من الخوف، إذ كيف تعيش النساء حياتهن بوعي وهن خائفات من التعبير عن الذات؟
الأديبة «كلاديس مطر» لديها دراسة بعنوان «تأخير الغروب»، تكشف فيها عن أزمة لفتت انتباهها تعيشها المرأة العربية، حيث تسعى لتأخير الغروب الجسدي بشتى الطرق وتنهك نفسها حين تستقي تقديرها انطلاقاً من خصوبة بيولوجيا ستنتهي وجمالاً خارجياً سيتغير بمرور الزمن.
من هنا، فالعقل النسوي محاصر بمخاوف عدة، وعاجز عن الحوار مع ذاته ومع الآخر ما لم يتخلص من خوفه القابع في اللاشعور.
هناك مخاوف عدة يعانيها العقل النسوي العربي حددت «كلاديس مطر» خمس منها، هي «الخوف من البقاء وحيدة، والخوف من أن تُدْفَن حية، والخوف من الحرية، والخوف من المتعة، والخوف من المسؤولية».
هذه المخاوف جعلت عقل المرأة العربية تحت ضغط لا يسهل مواجهته، وكل نوع من هذه المخاوف يحتاج إلى تحليل مفصل عن تأثير هذا الخوف وعلاقته بحياة المرأة وواقعها.
فإذا كان العقل خائفاً فإن حياة المرأة كنتيجة لن تكون آمنة على المستوى النفسي وبالتالي مستويات الحياة كافة.
في يوم الأحد القادم نتحدث عن مخاوف المرأة العربية.