أمام البوابة الداخلية لمدينة الملك فهد الطبية بالعاصمة الرياض، أشعل الأخ سيجارته وبدأ ينفث دخانه في أرجاء المنطقة التي يدخل المرضى من خلالها إلى العيادات الخارجية، حيث توجد أيضاً مناطق انتظار المرضى لذويهم وسائقيهم. كان الجميع ينظرون للرجل بازدراء، إذ كيف يلوث بدخان سجائره جو منطقةٍ يُفترض أن تكون خالية من أية ملوثات، كأي منطقة طبية أخرى؟! لكن هذه النظرات لم تزد ِالأخ إلاّ استكباراً. كان يتعامل مع النظرات والتأففات، على أنها تدخلٌ في شؤونه الخاصة، لذلك لم يعرها أي اهتمام، بل استمر يسحب الدخان من سيجارته ويحتسي قهوته بكل انسجام.
أمام هذا المنظر، رفع أحد المسنين الذي كان يسعل طيلة الوقت صوته محتجاً:
- طف السيجارة يا ابن الحلال، كتمتنا.
لكنه لم يرد، بل أشاح بوجهه إلى الجهة الأخرى.
شعرت حارسة الأمن بامتعاض الرجل المسن، فتوجهت إليه:
- خير يا أبوي؟!
- أي خير يا بنتي؟! قولي للرجال يطفي سيجارته، أو يبعد عنا. صدورنا ما هي ناقصة.
توجهت الحارسة للأخ وطلبت منه بكل أدب أن يمتنع عن التدخين، لأن الجميع تضايقوا منه:
- هذا مكان مفتوح، وين تبغيني أدخن؟!
- فيه منطقة تدخين قريبة جداً من هنا، ممكن تروح لها.
- ما يحتاج، شوي وتخلص السيجارة.
- شكلك ما راح تتعاون؟! تبغاني أطلب لك رجال الأمن؟!
- أقول لا يكثر، توكلي على الله.
بشكل مفاجئ، نهضت امرأة شابة كانت ترافق والدتها من كرسيها، وصرخت في وجهه:
- لو إنك في دبي، تتجرأ تولع سيجارتك في مكان عام يا بطل الأبطال؟!