كان تركيز حديثي في مقالتي، الأسبوع الماضي، على إحدى الفائزات بها؛ وهي البروفيسورة جانيت راولي، الأمريكية الجنسية، التي فازت بجائزة الطب في موضوع «سرطان الدم» عام 1408هـ/1988م.
وفي هذه المقالة سأتناول شيئاً من حياة البروفيسورة سينثيا كينيون..
.. الأمريكية الجنسية، التي فازت بالجائزة في مجال الطب، عام 1420هـ/2000م في موضوع «الشيخوخة». ولَعلَّ من أسباب ذلك أن الشيخوخة قد أصبحت مسيطرة عليَّ جسديّاً. والبروفيسورة كينيون مُتخصِّصة في علوم الكيمياء الحيوية والوراثة وأستاذة كرسي الجمعية الأمريكية لبحوث السرطان في جامعة كاليفورنيا بسان فرانسيسكو، ومديرة مركز هليلبلوم لبيولوجيا الشيخوخة في تلك الجامعة. وقد اشتهرت في أرجاء العالم حينما طرقتْ مجالاً جديداً هو أسباب الشيخوخة وآليَّاتها. وامتازت بحوثها بالريادة؛ إذ تَمكَّنت - بسلسلة من التجارب - من معرفة العوامل المسؤولة عن تنظيم الشيخوخة ونشأتها والتحكُّم في مظاهرها وما يرتبط بها من علل، واكتشفت عدداً من منظمات النمو والهرمونات والمراسلات الكيميائية التي تقوم بإبطاء مظاهر الشيخوخة، ففتحت اكتشافاتها آفاقاً جديدة للمهتمين بدراستها.
ونتيجة لما حَقَّقته تلك العالمة الرائدة من إنجازات في مجال تَخصُّصها حصلت على عدد من الجوائز والتكريم. ومنها جائزة رابطة كليات الطب الأمريكية للبحث المُتميِّز، وجائزة واشتر للإنجاز العلمي فوق العادي، وجائزة ايسنت. واختيرت عضواً في الأكاديمية القومية للعلوم، والأكاديمية الأمريكية للآداب والعلوم. وقام معهد سيمثونيان الأمريكي الشهير في واشنطن بتصوير فيلم عن حياتها وإنجازاتها العلمية وقد ظَلَّت تسعى لإنتاج عقاقير لإزالة مظاهر الشيخوخة وآثارها الصحية.
ويقول كاتب هذه السطور: في حفل منحها الجائزة مع الآخرين الذين فازوا ذلك العام اقتُرح أن يُختَصر في التقديم ما أمكن. وكان قد فاز بالجائزة في مجال اللغة العربية والأدب كُلُّ من البروفيسور عبد الله الطيب والبروفيسور عز الدين إسماعيل، رحمهما الله، فلما قَدَّمتُ الطيِّب، وانتهى من إلقاء كلمته، نسيت أن أقدِّم البروفيسور إسماعيل، فشرعت مباشرة إلى تقديم البروفيسورة كينيون. ولما انتهت من إلقاء كلمتها كان عليَّ أن أقدم البروفيسور إسماعيل. وبدأت كلمات اعتذاري بالقول. إني نسيت تقديمه. وما أنسانيه إلا الشيخوخة.
وكان من العادة أن يصحب موظفو الجائزة الفائزين في رحلة إلى البر. وهناك يكون عدد من الإبل لمن أراد أن يُجرِّب حظه في ركوبها. وكانت البروفيسورة كينيون من هؤلاء. فأسرع بها البعير، وسقطت من ظهره على الأرض، وأغمي عليها، لكنها - لحسن الحظ - سرعان ما صحت. فكتبت عن تلك الحادثة هذه الأبيات:
سَلمتِ مليكةَ الطب الحبيبه
وجُنِّب شخصك الغالي المصيبه
فَأنتِ بخدمة الإنسان رَمزٌ
يشار إليه في الدنيا الرحيبه
وأنتِ بعلمك السامي انتصار
تُحقِّقه مؤهَّلةٌّ لبيبه
بعثتِ سنا الرجاء لِكلِّ شيخٍ
بأن يلقى بما يهوى مشيبَه
فهل عَجبٌ إذا مالت قلوبٌ
إليك فأنتِ مالكةٌ حبيبه
ومن الفائزات بجائزة الملك فيصل العالمية البروفيسورة فرانسواز باري سنوسي، الفرنسية الجنسية ذات الأصل الجزائري. وقد نالت الجائزة عام1413هـ/1993م بالاشتراك مع زميلين معها، وذلك في موضوع مرض نقص المناعة المكتسب (الأيدز). وهي أستاذة في معهد باستير في باريس، ومديرة وحدة الأمراض الفيروسية في المعهد. وقد قامت بالدور الرئيس في اكتشاف الفيروس المسبب لمرض نقص المناعة المكتسب مما أكسبها مع زميلها شهرة عالمية واسعة. وواصلت بحوثها الرائدة من أجل تطوير لقاح فَعَّال للتحصين ضد ذلك المرض وتشخيصه، وتطوير وسائل للوقاية منه. وقد نذرت حياتها لدراسة المرض ومساعدة الدول الفقيرة على التقليل من مخاطره. فأشرفت على إنشاء عِدَّة مراكز للتدريب على تشخيص الأيدز ومكافحته في كمبوديا وفيتنام وتونس ودول أخرى. ونشرت أكثر من 350 بحث، ودعتها منتديات ومحافل علمية وجامعات كبرى لإلقاء محاضرات فيها. وقد نالت إلى جانب جائزة الملك فيصل العالمية أكثر من عشر جوائز قومية وعالمية. وفي عام 2007م كُرِّمت بوضع اسمها في قائمة المشهورات في المتحف العالمي لرائدات العلوم والتقنية في الولايات المتحدة الأمريكية.