أثبتت دراسة حديثة أنّ المرء قادر على التوقّع ما الرسائل التي ستلقى انتشاراً كبيراً، والرسائل التي لن تفعل. وقد أظهرت الدراسة أن الأفكار التي كُتب لها الانتشار تنطوي على عنصر يميّزها منذ البداية – دماغ المرسل مثلاً، بالنظر إلى أنّ وضع الرسائل يسمح بتنشيط منطقتين أساسيّتيت ضمن دارتين داخل دماغ المرسل: دارة «المكافأة»، التي تسجّل قيمة الرسالة التي بعث بها المرسل، ودارة «الاستيعاب المعنوي»، التي تنشط عندما يرى المرسل الأمور من وجهة نظر متلقّي رسالته. وتؤدّي هاتان الدارتان دورين رئيسيين لمعرفة ما إذا كانت رسالة محددة ستلقى رواجاً واسعاً أم لا. وكلّما تعمّق المرء في تقييم فكرة يريد نشرها، أمكنه أن تتوقع بدقة شعور الآخرين حيالها، وزاد نجاحه على صعيد نشر رسالته.
في مرحلة أولى، دعونا نلقي نظرة إلى القيمة التي تنطوي عليها إحدى الأفكار. فقد يبدو ظاهرياً أنّ أي فكرة يرغب أحدهم في نشرها هي من الأفكار التي يقيّمها. ولكن هل تمعّن في هذه القيمة بما فيه الكفاية لينجح في نقل فحواها؟ على سبيل المثال، إن كنت مدير صندوق تكنولوجيا حيوية يريد إيصال أهمية الاستثمار في التكنولوجيا الحيوية، قد تعتقد أن قيمة رسالتك تكمن في أحدث نجاح حقّقته على صعيد الاستثمار لمصلحة مساهمين. ولكن الأمر ينطوي على أكثر من ذلك بكثير، فالقيمة التي تستحدثها للمساهمين تنتج قيمة فلانيّة هي «x»، تنشّط مركز المكافأة في دماغك. إلا أن هذا التنشيط لن يكون نافذاً كما كان ليحصل لو أقرّيت بأنك تستثمر في المساعدة على شفاء الناس من أمراضهم، وسنسميها «y». وفي حال أقريت، إلى جانب ذلك، بمدى الامتنان العاطفي الذي يأتيك به هذا العمل، فسيوفر لك قيمة إضافية سنطلق عليها تسمية «z». وبالتالي، تنطوي القيمة في رسالتك على تداعيات مالية، واجتماعية، وعاطفية، تجتمع معاً (x+y+z) لتعزيز نشاط مركز المكافأة في دماغك.
وبالطريقة ذاتها، ينطوي مدى توقّعك للشعور الذي سينتاب جمهورك على جوانب متعددة. فكيف سيشعر حيال كونك تملك سيرة من النجاح في مجال الاستثمار في التكنولوجيا الحيوية؟ ما سيكون شعوره حيال استثماراته الخاصة في رفاهية العالم؟ من جديد، ستساعدك هذه الجوانب المختلفة، المرتبطة بطريقة تفكير جمهورك، على تعزيز نشاط دارة «الاستيعاب المعنوي».
ويشير هذا العنصران – القيمة والاستيعاب المعنوي – إلى أهمية الطابع الاجتماعي للرسالة، انطلاقاً من المصدر.