من البديهيّ في مجالات أعمال عدة أن تتكيّف المؤسسات إن أرادت الإبقاء على مصداقيتها وحفظ حصتها السوقية في عالم متبدّل بشكل سريع. ولكن هل التكيّف المستمر هو دوماً أفضل سياسة يمكن اعتمادها؟
تشير دراستنا أن الأمر ليس كذلك، ونحن نحثّ أي شركة تستعدّ لتكييف أعمالها أن تطرح على نفسها أولاً خمسة أسئلة:
- هل يريد عملاؤك التغيير فعلاً؟ بقيت عروض شركة «برغر كوكيز» الخاصة الملكية في بالتيمور على حالها طوال 179 عاماً، وظلّت الشركة تثبت بنجاح أن الناس يتوقون للثبات على المبادئ.
- هل سيتسبب التغيير بهروب عملائك؟ في وقت سابق من السنة الجارية، قرر المسؤولون في إذاعة «سيريوس ساتلايت راديو» تسليط الضوء على الاهتمام المتجدد بالمغني وكاتب الأغاني بيلي جويل، عبر استحداث محطة مؤقتة تكون مكرّسة لأغانيه. بيد أنّ المحطة المذكورة جاءت تحلّ مكان إذاعة متخصّصة ببثّ أغانٍ من ثلاثينيات القرن العشرين وأربعينياته، ما حث العملاء الذين كانوا يستمتعون بالأغاني الكلاسيكية، كتلك التي أنشدها أيرفينغ بورتر وكول بورتر، على إلغاء اشتراكاتهم.
- هل ستربك الناس؟ إن انتقلت من استراتيجية إلى أخرى وعاودت الكرّة، لن يعرف الناس عن أي قضية تحامي، علماً بأنّ فشل شركتَي البيع بالتجزئة «سيرز» و»جاي سي بني» في السوق الشامل خير مثال على مشكلة غياب التناسق.
- ما الثمن الذي ستدفعه؟ عند اتخاذك قراراً حول ضرورة إعادة صياغة عروضك، عليك أن تعمد دائماً إلى وزن المخاطر والمكافآت. وهو درس تعلمته «ستاربكس» من تجربتها الخاصة في أواخر تسعينيات القرن العشرين. ففي سبيل تعجيل وتيرة اتساعها، أقدمت الشركة على عدد من التعديلات، وبدأت مثلاً تشحن قهوتها ضمن ظروف حافظة للنكهة، وهي طريقة أكثر عمليّةً، إنما تسببت بإزالة النكهة بمعظمها. إلى ذلك، قرّرت الشركة تصميم متجرها باعتماد منحى يخوّلها خفض التكاليف عبر زيادة الإنتاج. أما النتيجة، وفقاً للمؤسس هاورد شولتز، فتمثلت بتدهور تجربة «ستاربكس»، وقد بقيت الشركة تعاني، إلى أن عكس شولتز مفعول هذه القرارات.
- هل سيجعلك التغيير معرضاً للمخاطر؟ عند إضافة العروض أو تعديلها، قد تفتح الباب أمام منافسيك.
وعلى سبيل المثال، قررت «كاديلاك» تقديم سيارة أصغر حجماً اسمها «سيمارون» في مطلع ثمانينيات القرن العشرين. ومع تحوير موطن التركيز الإداري، وتسجيل أرقام مبيعات سيّئة للسيارة، تأذت العلامة التجاريّة ما سمح للمنافسين بالاستحواذ على حصة سوقية.
ولعل الموضوع المتناول سهل، ومفاده أن العملاء سينصّون مواعيد حصول أيّ تغييرات وكيفيّة حصولها. وبالتالي، واصل سؤالهم عما يريدونه واستمر في مراقبة سلوكهم، لأنه سيتعذر عليهم التعبير دوماً عن رغباتهم، وبعد ذلك، قم بتغييرات تأتي بموازاة تغيّرهم، أو بوتيرة أسرع بقليل من وتيرتهم.