* في كثير من الأحوال تبدو بعض الممارسات أمام المجتمع، وأمام الرأي العام في موقف ضعيف، أومهزوز، وما من قضية تطرح وتثار إلا ويكون هناك مؤسسة، أو جهة حكومية مسؤولة عنها بصفة مباشرة، أو غير مباشرة، وأسوأ ما يكون الموقف حينما تكون المهام مشتركة بين أكثر من جهة، إذ يكثر الإدعاء حين النجاح، ويكون التنصل والبعد عن المواجهة حين الإخفاق.
* إن السبب الرئيس في اهتزاز بعض المواقف، أو الفوضى الاجتماعية في طرحها يكمن في اعتماد بعض المؤسسات على رأي الفرد، والصدور عنه في كل صغيرة وكبيرة، أو عدم قدرة ذلك الجهاز على تبني الرأي الجماعي للمؤسسة، نتيجة عدم القدرة على ممارسة المهام بكفاءة، رغم وجود ما يخوّل لذلك في أصل التنظيم للمؤسسة.
* في المجالس البرلمانية في دول العالم ليس هناك ما هو محظور مناقشته وطرحه وتداوله، و(مجلس الشورى) في المملكة العربية السعودية أحد تلك المجالس التي أسهمت في مسيرة الإصلاح والتقويم والتطوير الإداري في أنظمة وإجراءات كثير من المؤسسات والهيئات الحكومية. وإذا ما استثنينا (النظام الأساس للحكم )، و(الأصول الدينية) فإن ماعدا ذلك من قضايا وهموم وشئون تمس المجتمع ومعاملاته المادية، واحتياجاته العامة والخاصة لا يعد محظوراً مناقشته، بل إن التجاهل، أو التقاعس عن ذلك مذموم ومرفوض، لاسيما في هذا العصر الذي يشهد في كل مساراته سباقاً محموماً بين الدول، لإثبات نفسها، وفرض ثقافتها وحضارتها.
* أيّاً كان الرأي حيال قضية (الرياضة النسائية) إلا أنني أعتقد أن دراسة ذلك تحت قبة المجلس جزء من المهام والاختصاصات المخولة له، وله أن يصوت قبولاً، أو رفضاً، حيث لم يعتمد في اقتراحه على صوت فردي شاذ، بل إننا نجد إنه في أكثر من موقف ينتقد أطروحات بعض الأعضاء الفردية التي تخرج عن الصوت الجماعي للمجلس، وكثيراً ما سمعنا أن هذا الرأي يمثل رأي العضو، ولا يمثل رأي المجلس وإجراءاته، ونظام مناقشة وطرحه، وآلية التصويت عليه.
* على المستوى الشخصي، ولكوني أحد المتابعين لوقائع بعض الجلسات لم أسمع أن (مجلس الشورى) اعترض، أو انتقد رأي بعض المؤسسات، وما توصي به، أوتتبناه بعض الهيئات، أو المجالس الرسمية في المؤسسات الحكومية، بل إنه يحترم، كل ما يصدر من آراء، متى كانت غير مبنية على رأي فردي لأحد أعضاء تلك المجالس، أو الهيئات، مع اعتقادي أن كثرة الآراء الفردية، وبروزها كظاهرة لا ينبئ في الغالب عن ممارسات حرة، أوديمقراطية في تلك المؤسسات، بل أحيانا يفسر على أنه انفلات، أو تمرد على نظام المؤسسة، أو شعور بعدم قدرتها كقيادة على ممارسة أدوارها، وتخوفها من تبني أي مشروع يكون فيه شيء من الجدة والحداثة على أعراف المجتمع وتقاليده.
* قضايانا المعاصرة، ومشكلات العصر ومستجداته، الاجتماعية، والاقتصادية تفرض على أي مؤسسة أنيط بها مسؤوليات محددة أن تمارس أدوارها بكفاءة، وأن تقوم بواجباتها ومسؤولياتها على ضوء اللوائح والتعليمات المنظمة لها، والوطن والمجتمع من ورائه لن ينتظر أي إهمال، أو تقاعس من جهة معينة تجاه قضاياه التي تمس واقعه، وتحافظ على هويته، ومكونات ثقافته.
* هكذا للأسف بعض المؤسسات، لا تستفيق ولا تتحرك إلا بناء على ردة فعل، أو قضية تشكل أحد اهتمامات الرأي العام، وربما تكون في بعض الأحوال سبباً لانقساماته على نفسه، ومهددة لعوامل وحدته ونسيجه، وقوة انتمائه لوطنه.
* إذن الوقوف مع (مجلس الشورى) واحترام كثير من أطروحاته إنما هو نابع من قدرته على ممارسة مهامه واختصاصاته بكفاءة، وليس من الضرورة أن كل موضوع تبناه أن يكون هو الصواب من جميع جوانبه، أو أن يجد القبول والتبني والإقرار من الجهات التنفيذية الأخرى، أو لا يجوز لأحد أن ينتقده.