فتوى قديمة ومهمة لمفتي المملكة الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ أعادت بعض الصحف المحلية نشرها مؤخراً أتمنى أن تجد الاهتمام الكافي من كل مَنْ يعنيه الأمر سواء في الجهات الرسمية ذات الاختصاص أو من الأفراد العاديين لأنها تتعلق بظاهرة خطيرة تزداد فداحة كل عام.
يقول المفتي في إجابة عن سؤال عن حكم تجاوز إشارة المرور أن «المتخطي والمستخف بإشارة المرور آثم، والمتجاوز لها عاص ويتحمل وزراً، وإذا حصلت جناية بهذا السبب فهو شبه متعمد لأنه تجاوز ما حد له وتعدى الحدود، وعمل أعمالاً سيئة».
هذا يعني أنه لو ترتَّب على قطع الإشارة وفاة فإن قاطع الإشارة يُعتبر ـ وفق هذه الفتوى ـ قاتلاً شبه متعمد.
ولا أعرف ما هو الحكم الشرعي بحق القاتل شبه المتعمد لكنني أجزم أنه مختلف عن الحكم بحق القاتل غير المتعمد وأنه أشد قسوة.
وبما أن هذه الفتوى قديمة بعض الشيء فإنني أفترض أنه تم تطبيقها على المخالفين الذين هم، في الواقع، قتلة يعبثون بأرواح الناس الآمنين الذين لا ذنب لهم سوى أنهم كانوا ملتزمين بالأنظمة في بيئة لا تحترم الأنظمة.
قبل سنوات حدثت مأساة في المنطقة الشرقية لفتاة حديثة الزواج وحديثة التعيين في السلك التعليمي. كانت الفتاة حبلى وسعيدة بحياتها الواعدة، وكانت تركب مع زوجها بأمان في طريقها إلى المدرسة التي تعمل بها عندما قطع احد العابثين إشارة المرور وارتطمت سيارته بسيارة الفتاة في مواجهة قاتلة ذهبت ضحيتها الفتاة وجنينها ليضمهما قبرٌ واحد! أما الشخص المخالف الذي قتلهما وكاد يقتل الزوج فقد سلم وقضى عقوبة سهلة ولابد أنه الآن قد نسي الموضوع بالكامل!
مثل هذا القاتل كان يجب أن يُعامل بمثل ما يُعامل به القتلة الآخرون. وقد كتبتُ حينها مقالاً في جريدة اليوم، ووصلني لومٌ من أقارب القاتل الذين اعتبروا أن الحادثة مجرد قضاء وقدر ينبغي على المسلم القبول به!
كلنا نؤمن بالقضاء والقدر، لكن خالقنا عز وجل لم يأمرنا بالقبول بالظلم الذي يقع علينا وبالجرائم التي تحدث لنا لكونها أقداراً مقدرة. إيماننا بالقضاء والقدر لا ينسينا أن هناك أسباباً لكل شيء وأن العدل الإلهي لا يتفق مع الظلم ولا يقره.
أتمنى أن تؤخذ هذه الفتوى على محمل الجد وأن تكون العقوبة المقررة للقاتل شبه المتعمد رادعة لكي توقف العبث الذي يحدث في شوارعنا على مدار الساعة من كل يوم وفي كل مدينة وقرية في بلادنا.