لدينا شريحة حزبية تتعاطف مع التنظيم الدولي للإخوان، وهذه الشريحة جندت نفسها لمهاجمة كل ما هو وطني، بل ومعايرتنا بدول أخرى، وهم يفعلون ذلك بلا حياء، فعندما يصدر قرار تنموي هنا، تجدهم يهاجمونه بحجج دينية، كما هي عادة المتأسلمين، في استخدام الدين لأهداف محض سياسية، ثم في ذات الوقت، تجدهم يشيدون بذات القرار في دولة أخرى، ومعظم هؤلاء ينتمون إلى شريحة «المناضلين من منازلهم»، حسب تعبير أحد الزملاء، وسأظل، كلما كتبت عن هذا الأمر، أستشهد بذلك الذي أقام الدنيا هنا معارضا لقيادة المرأة للسيارة، ثم انطلق في اليوم التالي بصحبة من يعز عليه إلى دولة أخرى، تقود فيها المرأة السيارة، ولم يذهب هناك لينكر، خصوصا وأن كلمته مسموعة هناك ، بل ذهب زائرا فوق العادة، وعاد محملا بما خف وزنه، وغلا ثمنه من الهدايا الموسمية التي يحصل عليها، ولا زال، هو، وجماعته المناضلة يكررون ذات الأفعال، دون أن يشعروا بالخجل!.
هذه الشريحة التي لا يروق لها شيء هنا، تهيم حبا في دول أخرى، حتى ولو كانت تلك الدول تقمع الحريات، وترتكب الموبقات، بل إن هؤلاء الحزبيين - الذين يبحثون بأدق الميكروسكوبات عن أي زلة لرجل دولة هنا - يبحثون عن الأعذار لقيادات سياسية لدول أخرى، فالصور التي يظهر فيها السياسي الأجنبي مع مغنيات شهيرات «مزيفة»، وحتى لو ارتبطت دولة أجنبية بعلاقة حميمية مع اسرائيل فإن الهدف هو استدراجها، قبل القضاء عليها، أما السياسي الأجنبي الذي يقمع المظاهرات السلمية بوحشية، ويحجب وسائل التواصل الاجتماعي فإنه يطبق استراتيجية «ديمقراطية» جديدة، لا يقدم عليها إلا الزعماء الكبار، وعلى هذا فقس نظرة مناضلي المنازل من المتأسلمين لزعماء آخرين، ولدول مجاورة!.
يقول الواحد منهم إن ما يهمه هو ما يجري في بلاده، وإنه ليس معنياً بانتقاد سلوكيات الدول الأخرى. هذا، ولكنه يهرب رعبا عندما تسأله عن سبب صداقته العميقة مع تلك الدول، وزياراته المتكررة لها، طالما أنها لا تلتزم بالمنهج الشرعي الذي يؤمن به، والأدهى أنهم يدافعون عن زعامات أجنبية، بل ويدبجون قصائد المديح لهم، وفي ذات الوقت يشنعون على أي مواطن سعودي يتجرأ، ويشيد بمنجز وطني، أما لو اشاد أحد بملك البلاد، أو بإحدى قيادات الوطن فهو في نظرهم «مخبر» أو «مطبل»، وأتفهم اتهامهم هذا، فهم يقيسون الناس على أنفسهم، وطالما أنهم عملاء، يقبضون بالأصفر الرنان، وربما يعملون كمخبرين، فهم يعتقدون أن الكل كذلك، وهذا متوقع منهم، فالحزبي الذي لا يعنيه الوطن بشيء، لا يمكن أن يفهم معنى أن تكون مواطنا صالحا تحب بلدك، وتدافع عنه، وعن قياداته من منطلق وطني بحت، وبلا مقابل، فهل يفقهون؟!.