يتفق معظم علماء الاقتصاد اليوم على أن روح المبادرة ضرورية لتحفيز النمو الاقتصادي وتأمين فرص العمل في كافة المجتمعات، وخاصة في دول العالم الثالث حيث تُشكِّل شركات الأعمال الصغيرة الناجحة المحركات الأولية لخلق فرص العمل، وتنمية الدخل، وتخفيض مستوى الفقر، كما تعد ثقافة المبادرة استجابة لمستجدات ومتطلبات سوق العمل في عصر العولمة والمعلوماتية، لذلك فإن الدعم الحكومي للمبادرة في الأعمال يُشكِّل إستراتيجية حاسمة للتنمية الاقتصادية.
إن ما تجسده ثقافة المبادرة في سياق التوجهات العالمية يعكس بشكل كلي الأطر المرجعية لثقافة العمل الإنتاجي عبر المشاريع الصغيرة المدرة للدخل، كما أنها تحشد آليات التحول من ثقافة الاعتماد على الدولة إلى ثقافة المبادرة وخلق فرص العمل وبالتالي تصبح ثقافة المبادرة إحدى أهم وسائل معالجة البطالة.
نعم أحد أهم ما يميز تبني نشر ثقافة المبادرة في المجتمعات أن تنقل المواطن من خانة الباحث عن عمل إلى خانة المبادر القادر على خلق فرص العمل، حيث يصبح المواطن عضواً فاعلاً وشريكاً حقيقياً في التنمية المستدامة.
أذكر أنني عندما بحثت عن تعاريف للمبادرة وجدت اختلافات في تعريفاتها باختلاف المجلات العلمية التي تندرج ضمنها غير أن هناك اتفاقا شبه شامل وهو» بأن روح المبادرة تقتضي فكرة جديدة مبتكرة لم يسبق المبادر إليها أحد» كما قرأت في سيرة خبير الأعمال التجارية بيتر دروكر أنه وصف المبادر « أنه فرد يبحث فعلاً عن التغيير، ويستجيب إليه، ويستغل الفرصة السانحة للتغيير».
إن ثقافة المبادرة أصبحت ضرورة من ضرورات المجتمعات المدنية الحديثة وبالتالي أصبح من الضرورة إدراجها ضمن مكونات النظام الأساسي للتعليم، كما أن لوسائل الإعلام دور فاعل في نشر ثقافة المبادرة من خلال تسليط الضوء على نماذج ناجحة من مشاريع صغيرة حققت نجاحات على المستوى المحلي وحصلت على جوائز تقديرية لتصبح نماذج نجاح يحتذى بها.
ظهور جيل أكثر ابتكاراً وقدرة على التغلب على المعوقات الكثيرة التي تحيط به، محصناً بأدواته الإعلامية المعاصرة من مواقع شبكات الانترنت و مدونات و منتديات وصفحات تواصل اجتماعى يحتم أن توجه الدولة الشركات والبنوك والهيئات والمؤسسات لدعم المجتمع من خلال برامج المسئولية الاجتماعية لاعتماد ميزانيات مرصودة لتلك المشاريع الصغيرة ولعل صندوق عبداللطيف جميل لدعم المشاريع الصغيرة خير مثال وطني على ذلك.