تمضي الإدارة الأمريكية قدمًا في الانحياز إلى جانب التعنت الإسرائيلي والتغاضي عن التخريب المتعمَّد من قبل رئيس الحكومة الإسرائيليَّة لجهود السَّلام، التي يبذل وزير الخارجيَّة الأمريكي جون كيري جهودًا لم يكتب لها النجاح بسبب تخلي الرئيس الأمريكي أوباما عن دعمه وتركه وحيدًا في مواجهة اللوبي الصهيوني في أمريكا، وعدم التعاون الصارخ من قبل الحكومة الإسرائيليَّة.
جون كيري مثل كل السياسيين الأمريكيين حاول مخلصًا إنقاذ الإسرائيليين من حكومتهم، وقال صادقًا: إن سلوك حكومة نتنياهو سيدفع إسرائيل إلى عزلة دوليَّة بسبب انتهاجها أسلوب العزل العنصري، قول يتطابق مع التشخيص الذي أجمع عليه الكثير من المراقبين والمحللين الدوليين ومنهم العديد من الأمريكيين، إلا أن قول كيري هذا أغضب صهاينة أمريكا وأقام الدنيا هناك مما أجبره على سحب تصريحه.
سحب كيري لتصريحه هذا لا يقدم ولا يؤخر في نظرة المجتمع الدولي لإسرائيلي التي باتت محاصرة بغضب واشمئزاز الدول، ويكفي للمراقب مراجعة عمليات التصويت التي تختص بقضايا تكون إسرائيل طرفًا بها ليرى كم هو عدد من يقف إلى جانب إسرائيل، فلا يَرَى سوى أمريكا وبعض الدول التي لا يعرفها الكثيرون وتجد صعوبة بالتعرف على مواقعها في الخريطة الدوليَّة، فحتى الدول الغربية التي كانت تصنَّف كدول حليفة للكيان الإسرائيلي وتساير أمريكا في مواقفها أخذت تبتعد كثيرًا عن الكيان الإسرائيلي لتجاوزه واختراقه للعديد من القيم الأخلاقيَّة ومعايير حقوق الإنسان وهو ما يجعله شبيهًا بما كان عليه الكيان العنصري السابق في جنوب إفريقيا، الذي لفظه التاريخ.
وكيري عندما وجّه تحذيره لحكومة نتنياهو لمس التحوّل الذي أخذ يتسع في الأسرة الدوليَّة وهي بداية مرَّ بها الكيان العنصري في جنوب إفريقيا، ولهذا فإنَّ كثيرًا من الأمريكيين وبعضهم حتَّى اليهود يرون في تحذير وزير الخارجيَّة نصيحة أكثر من تحذيرًا رغم ارتفاع أصوات الصهاينة في الكونجرس الأمريكي، الذين يتلقون التَّعليمات من تل أبيب.
عدم الأخذ بالنصيحة الأمريكية ليس في صالح الإسرائيليين، فقبلهم كان عنصريو نظام العزل العنصري في جنوب إفريقيا يصمون آذانهم عن نصائح الغرب الداعم لذلك النظام إلا أن اكتمال حلقة الحصار الدولي على ذلك النظام أسقطه وأزاحه من التاريخ، وهو ما ينتظر الكيان الإسرائيلي العنصري مهما حصل على دعم من الأمريكيين ومن غيرهم.