من أجمل نعم الله للإنسان أن يهبه حسن التبصُّر، والقناعة ..
هما من منظومة النعم الأخرى غير أنهما معقدٌ، ومنطلقٌ..
فالتبصُّر دالٌ وكاشفٌ ذو دليلٌ، وحجةٌ..، فدافع ومثبت..،!
وإن القناعة مطَمْـئنةٌ ومُرضِية، ذات ثقة وتريث، فكافَّةٌ وضابطة..،!
والواهب العادل ما حرمَ منهما الساعي على نفسه يضرب في شؤون التفكر، والتدبر، والمعرفة كلَّ فج ليكون بين الناس لا جاهلا فيتوه، ولا طاغيا فيدمر..
الذي إن عرف كفَّ..، وإن علم استزاد..، وإن حُرِم تواضع..، وإن أعطي بذل..، وإن خاف أمِن وأمَّن..، وإن أمِن ضبط..، وإن أمَّن سكنَ..
وإن قنع أحسن في كل أمر حتى في الظن..، ولم يفجُر في قول، أو شك..، ولا يحقد في ضيق ولا سعة..، ولا يقارن عند عوز ولا موقف، ولا يتسلط حين فرصة، ولا يتجمد عند رأي وعن أداء، ولا ينسحب من دور، و... و...
نعمتا التبصر والقناعة مكيالان يثبتان الميزان في عدالة النفس، ويرجحان الأمثل في كفة السعادة..
فالنفس العادلة تعلم أن الله ليس لها وحدها كي يكون لها كل الذي تشاء، ولا تنكر حصتها الكاملة في ميزان عدله، وربوبيته تعالى، حين خلقها..،
والسعادة ليست ما يضحك السن، ويشي بالقفز والطرب..
السعادة في معرفة النفس ومقدراتها، والتبصر في موجباتها، والعمل بمكتسباتها، وتسخير طاقاتها عن فهم للذات، ودأب عليها، من منطلق القناعة بما وهبها من نعمه الأخرى فيها...
دون أن تتقشف في عطاء ولا تتخاذل في اكتساب، ولا تمتنع عن أداء..
تلك السعادةُ المحصلةُ في أتم ختامها..!!