ليس السوريون وحدهم مَنْ ينتظر ترجمةً لتعهدات الرئيس باراك أوباما لرئيس الائتلاف السوري السيد أحمد الجربا، بل أيضاً كل شعوب ودول أصدقاء سورية وبالذات الدول العربية، تنتظر جميعاً أن يترجم الرئيس الأمريكي ما قاله للسيد الجربا في لقائهما أمس في البيت الأبيض والذي كان ينتظره السوريون والأمريكيون معاً ليكون بداية التغيُّر في تعامل الرئيس أوباما مع الأزمة السورية.
من الناحية النظرية، يُفترض أن للولايات المتحدة الأمريكية - مثلها مثل الدول الغربية - موقفاً واضحاً مما يجري في سورية، وأنه اعتماداً على أقوال أوباما نفسه يفترض أن تدعم أمريكا نضال السوريين الهادف للتخلص من حكم استبدادي متسلط قاتل دمّر الشعب السوري، إلا أن تردد الإدارة الأمريكية عرقل، بل أعاق السوريين في التخلص من هذا النظام الذي لا يحظى بقبول السوريين ولا باحترام وتقدير الآخرين وفي مقدمتهم الأمريكيون، والمتابع لتعامل الإدارة الأمريكية مع المأساة يلمس فيها الكثير من التردد والتراجع حتى عن التعهدات التي قطعها أوباما نفسه، وهو ما جعل ميزان القوى يتحول على الأرض لصالح نظام بشار الأسد، مما أصاب السوريين وأصدقاء الشعب السوري بخيبة أمل، بل وحتى حالة غضب من هذا التردد الأمريكي، الآن ونتيجة لمراجعة أمريكية شملت دوائر مهمة داخل الإدارة الأمريكية والكونغرس ووزارتي الخارجية والدفاع، إضافة إلى المخابرات المركزية أظهرت أن التردد والتعامل الأمريكي الضعيف في سورية شجع الإيرانيين والروس، إضافة إلى النظام السوري نفسه إلى تحدي السياسة الأمريكية، وأن الهيبة الأمريكية قد نالها ما نالها حتى انعكس ذلك على أماكن أخرى، ومنها يأتي التحول الأمريكي المنتظر والذي يعتبر الكثيرون أنه بدأ منذ استقبال رئيس الائتلاف الوطني السوري في البيت الأبيض، وإجراء الرئيس أوباما وكبار مساعديه مباحثات مكثفة معه، إذ التقى السيد الجربا كلاً من وزير الخارجية، ومستشارة الأمن القومي، وأبرز قادة الكونغرس، مما أوجد أرضية جيدة لعرض مطالب الثوار السوريين.
السوريون يأملون أن يكون الرئيس أوباما قد نطق بالتعهد الجريء الذي ردده أثناء حملته الانتخابية: (نعم أستطيع أن أفعل).
ولكن ماذا يريد الجربا والسوريون من أوباما أن يفعل؟.. لا شيء سوى ما وعد به أوباما شخصياً قبل أشهر.
فقط صوغ إستراتيجية واضحة ومساعدة الثوار في حماية الشعب السوري من جرائم الإبادة الجماعية المتمثّلة في قيام الطيران السوري الحربي برمي البراميل المتفجرة التي خُلطت مكوناتها بالغاز السام، وهو يتمثَّل في تزويد الثوار بسلاح قادر على التصدي لهذا الطيران القاتل، صواريخ قادرة على إسقاط طائرات الموت، تُسلم لأيادٍ أمنية يضمنها رئيس الائتلاف الوطني السوري.. هل يفعل أوباما ذلك، نعم يستطيع ذلك إن تجاوز التردد السابق.. إنا منتظرون.