التحرّش فوضى أخلاقية تجب مواجهتها بالسبل الرادعة الملائمة، وبدورها استشعرت وزارة العدل حجم المخاطر فأكدت على كافة المحاكم بزيادة الاهتمام بقضايا الاعتداء على الأطفال وإعطائها الأولوية في النظر والحكم، وشدّدت الوزارة على سرعة تنفيذ ما توصلت له المحكمة العليا من منح قضايا الاعتداء على الأطفال الأولوية في سرعة صدور الأحكام القضائية، وأرى أن التحرّش بالأطفال خاصة لا يعود للحرمان بدليل أن من المتحرّشين متزوّجين وقادرين على الزواج بزوجات أخريات، كما أن غير المتزوّجين بإمكانهم معالجة أوضاعهم بالحلال كما عالجوا أموراً أخرى، لكنه كما يبدو مرض نفسي يعصف بالمبتلين به ويدفعهم لارتكاب هذه الحماقات المشينة، والأمثلة التالية توضح أن المرض لم يسلم منه الكبار ولا الشباب ومن كل الجنسيات، اغنياء ودون ذلك، متعلمين جداً وأقل منهم تحصيلاً، فمن الأخبار المنقولة باختصار:
ضبطت شرطة منطقة مكة المكرمة مواطناً أربعينياً بحي الشرائع يتحرَّش بالنساء تحت ادّعاء أنه يرقيهن الرقية الشرعية، وإلقاء القبض على وافد من جنسية عربية يعمل في أحد المحلات التجارية بتبوك بتهمة تهديد طفلة بالمرحلة الابتدائية بآلة حادة واغتصابها، وبالمنطقة الشرقية ضبط محامٍ بتهمة التحرّش بالنساء بعد ورود بلاغات عدة لدى الهيئة ضده، وقد عُثر بحوزته على رسائل إباحية ومحادثات جنسية بينه وبين (سيدات) وفتيات، مع اعتراضي على صفة سيدة هنا، لأن السيدة لا تخون ولا تزني، فإن فعلت فهي لا تستحق هذه الصفة، وتناقلت الأخبار أن مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي (FBI) فتح تحقيقاً موسعاً حول معلم أمريكي موصوف بأنه أسوأ متحرّش جنسياً بالأطفال في تاريخ أمريكا، وذلك عقب العثور على (ذاكرة المعلومات - فلاش ميموري) الخاصة به تتضمن صوراً لأكثر من 90 ضحية من الأطفال، وكشف موقع مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي، أن المتهم ويليام جيمس الذي انتحر مؤخراً عقب افتضاح أمره كان قد عمل في المجال التعليمي داخل العديد من دول العالم، وخبر من الطائف يقول: أرشد مجموعة من الأطفال الصغار أعضاء هيئة الأمر بالمعروف إلى أحد الوافدين العرب كان يقوم بالترويج لمقاطع وأفلام مخلَّة بالآداب، وبيَّن التحقيق سوابقه بالتحرّش.
ولأهمية القضية وخطورتها الاجتماعية الدينية أصدرت الجمعية الخيرية للتوعية الصحية (حياتنا) موقفها العلمي تجاه قضية الإيذاء الجنسي ضد الأطفال بالمملكة، وأشار المتحدث الرسمي للجمعية الأمين العام الدكتور عبدالرحمن القحطاني، إلى أن هذا الموقف العلمي يأتي انطلاقاً من دور الجمعية في التوعية، ويهدف للمطالبة بتهيئة بيئة متكاملة لحماية الطفل من الإيذاء الجنسي، وصنع التأييد للحد من انتشار هذه المشكلة، والتصدي لعوامل الخطورة، وكذلك تبني حملات وبرامج توعوية وطنية شاملة ومتكاملة، والعمل على تطوير الأنظمة والسياسات ذات العلاقة، وأهمية تعزيز القدرة الذاتية لدى الأسرة والطفل على المواجهة، وبيّن أن الجمعية تنظر بقلق حيال نتائج الدراسات المتعلقة بنسبة انتشار وتزايد الحالات، وقال إنه من المؤسف أن ثقافة تعليم الأطفال أساسيات الوقاية من التعرض للإيذاء الجنسي تمثّل حرجاً شديداً لدى الكثير من الآباء والأمهات، وهو ما يجب عليهم تداركه والعمل على تجاوزه.
الوقائع والمؤشرات تبرهن على تفشي فيروس التحرّش كمرض نفسي اجتماعي يجب التصدي له بحزم واجتثاثه.