المدرسة مجتمع صغير يمثّل الحياة الاجتماعية، فينبغي أن يتجلّى فيها مظاهر الحياة الصحية، وأن يكون النظام سائداً فيها ومرتكزاً على أسس صحيحة ولن يستقيم أمر أمة من الأمم أو جماعة من الجماعات ما لم يكن قائماً على أسس من النظام وعلى قواعد وتقاليد تكون موضع احترامها، ومحل اهتمامها، وبمقتضاها تسير، وعلى ضوئها تنظّم شؤونها، وتوطد ما يربط بين أفرادها من علاقات، وتحفظ لهم حقوقهم وواجباتهم وهو ما أكّدته شريعتنا السمحة الخالدة في قواعدها الصافية ومصادرها الأصلية.
وتهدف التربية الحديثة إلى أهمية اتباع النظام بالنسبة لتلاميذ المدارس، إذ هو الوسيلة التي يدرب بها التلاميذ على احترام النظام ليخرجوا إلى الحياة العملية وهم أفراد صالحون واعون لمسؤولياتهم ومدركون لواجباتهم يعرفون ما لهم وما عليهم ويعرفون كيف يتصرفون بحكمة ويلتزمون بالسلوك الحميد والتعاون البناء وهو ما يتفق مع قواعد الإسلام على المبادئ الكريمة والأخلاق السامية والضوابط المحكمة التي تجعل من تعاون الفرد والمجتمع قوةً ونفعاً. إننا لكي نبرهن على احترامنا للنظام يجب أن نكون قدوة حسنة نعطي الدليل على ذلك عملياً، فالمعلم مطلوب منه أن يتمسك بالصفات الكريمة والأخلاق النبيلة ويعوّد طلابه على تطبيق النظام، فمتى تعوّد التلاميذ من صغرهم على النظام صارت الفرصة مهيأة للمعلم للمزيد من الإنتاج والعمل...
كذلك الرجل الإداري الذي يرأس عملاً ما مطلوب منه أن يجعل من نفسه قدوة كريمة وأسوة فاضلة في تطبيق النظام واحترامه فلا يخرج على ذلك ولا يتساهل فيه، بل يحبب بسلوكه وخلقه وعمله الآخرين إلى حب النظام واحترامه وترسم خطاه، يوجه زملاءه إلى أقوم السبل وأنبل المناهج وأسمى الأخلاق وحسن التعامل مع الآخرين بضمير طاهر وأسلوب نقي كريم.
كذلك الطبيب والمهندس والعامل والتاجر والموظف وغيرهم من طوائف المجتمع، فكلما كانوا على جانب من الخلق الكريم واستقامة النفس على التقوى والتجافي عن كل ما يتنافى مع ذلك سيجعلون الآخرين ممن يعملون بجانبهم أكثر حرصاً وعناية واهتماماً باحترام القيم والنظم وما إلى ذلك.
إن الواجب يقتضي أن نحبب النظام إلى نفوسنا، وأن نعوّد صغارنا ومن يعملون معنا على حب المسؤولية واحترام النظام، ونهذب نفوسنا وطباعنا ونغرس فيهما المعاني الإنسانية النبيلة والجذور الخلقية الأصيلة وأن نكون قدوة حسنة نأخذ كل نافع ومفيد، ونتجنب كل ضار وسيئ على أساس من الوعي والاستيعاب وتنمية وجدان الخير في النفوس.