لاشك أن شعور الفرد بالرضا عن موقعه في معادلة المجتمع يولد الشعور بالانتماء وصدق المواطنة, ويضمن إخلاص المواطنين في دفاعهم عن أمن الوطن.
ما علاقة هذا بالأمن؟ وبفئة المرأة والشباب في دول مجلس التعاون؟
حتى, ومشتركنا الثقافي والتاريخي متشابه, لابد أن يلاحظ المتابع أن هناك فروقا في التفاصيل الحالية بين دول المجلس في مدى ارتياح مواطنيها ورضاهم بأوضاعهم اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا. خاصة حين يقارنون أنفسهم بأشقائهم الخليجيين في الجوار ويزعجهم التفاوت. وهذا التفاوت مرتبط جذريا بالموقع الجغرافي, ومساحة الدولة, وعدد المواطنين, وتوزيع الدخل.
رضا المواطن عن حياته بما في ذلك النساء والشباب مرتبط بمستوى الحياة وما يتوفر له من فرص لتحقيق طموحاته. وغالبا ليس هناك مشكلة في الأوضاع الطبيعية حيثما يسود العدل الاجتماعي ويتساوى الناس في نصيبهم من الخير أو المعاناة حسب أوضاع الوطن الاقتصادية.
ولكن الأمر ليس بهذه البساطة المثالية المرغوبة. مستجدات المجتمع العام اقتصاديا وعدديا تولد تغيرات نفسية وفكرية وأعرافا جديدة في التعامل تفرض بدورها تغيرا في أوضاع الفرد.
أولا: مجتمع الخليج مستجد على رخاء العيش الذي لم يبدأ إلا بعد اكتشاف النفط. وقد جلب معه عدة نتائج:
1 - إدراك الدول الصناعية أهمية المنطقة من حيث مواردها زاد رغبة السيطرة عليها.
2 - تدفق اليد العاملة الأجنبية بحثا عن الفرص وبالتالي نشأ جيل يرى العمل, خاصة اليدوي مرتبطا بالعمالة ولا يليق بمواطن.
3 - مرحلة الانتقال الى القرن الواحد والعشرين تمثلت في قدرة استيراد المنتجات بكل أنواعها, ولكنها لم تمر بمرحلة التدرج الذي يسمح باعتياد مستوى الوفرة بصورة طبيعية. الانتقال المفاجئ سبب الشعور بالذنب, وتنامي فئة تطالب الآخرين بعدم الاستمتاع بما يجلبه الترف من فرص للهو والابتهاج.
4 - موقع المرأة فقد الكثير من أهميته إذا لم يعد في البدء حاجة لمشاركتها في العمل لمساندة الأسرة، فالحل متوفر بدونها.
5 - تصاعد تيار التشدد المجتمعي والإقصاء للفكر المختلف سبب حالة من الشحن والضغوط النفسية والتطرف. أو بالعكس الانفلات بالتمرد، أو الهروب بالهجرة.
ما علاقة كل هذا بالأمن؟
في هذه المنطقة التي حدودها ونمو اقتصادها لم تبلغ قرنا من الزمن, هناك مسببات وضعية آنية كثيرة تولد في الأفراد الشعور بالضيق وعدم الرضا, وتضعف ارتباطهم بالوطن. وهناك مصالح فئوية لجهات متعددة, داخلية وخارجية, تتبارى في استقطاب الأفراد وإضعاف شعور المواطنة لديهم، لحد تقبل الانتماء الى جهة خارجية، دون شعور بأن في ذلك خيانة وطنية!
ولكي يترسخ الشعور العام بالانتماء يجب دراسة مسببات الشعور بالضيق عند المواطنين للعمل على معالجتها واستعادة ولاء المواطن.