في رحيل جدتي الغالية (نورة العيد)
يكاد القلب ينفطر حزناً كلما تذكرت
عينكِ الكحيلة
مبسمكِ الحي
صوتكِ المليء بالطمأنينة
لسانكِ اللاهث بالذكر والدعوات الصادقة
خماراً تتوشحينه فيزدان به وجهك ضياء ونوراً
تحيتكِ الخاصة باسمي
يا نور نورة وكل الخد منثورة
من نورها كل ظلمة تشعل اشعالي
يفداك من علقك في الصدر محفورة
وتفداك شقراء وما فيها من المال
رائحة يداكِ الزاكية قد كنت لا أكتفي بتقبيلها وما زلت أشتاق لتقبيل يديك وقدميك وجبينك الطاهر.
آه يا أمي..
كانت أقسى همومك أن يلامس جبينك الزاكي طرف سجادتك لحظة سجودك.
وكلما رأيتِ أحدنا يحمل مصحفاً تمنيتِ إجادة الهجاء لتكوني من المهرة في تلاوة كتابه.
فأتمنى أنا حينها لو نتدبر آياته، ونعمل بها مثلما تفعلين.
قد كانت جل أمانيك لله.
نشأتِ في زمن لا يعير للعلم قيمة.
وحين أجالسك أجد فيك قامة العلم والحكمة؛ فأخجل من نفسي وأتوارى سائلة ماذا جنيتُ من علمي؟
لطالما حثثتِنا كباراً وصغاراً
على العلم والعمل
لطالما كنتِ الأم الرؤوم
والمعلم الحنون لأحفادك
نتحلق حولك نشاطرك
حكايا زمنك النقي
وننهل من شهد دعواتك
آه يا أمي..
ما أقسى نبأ رحيلك؛ شعرت بأن قلبي اجتُث من مكانه
تسمرت في مكاني حتى كدت لا أستطيع الحراك
فالموت - كما قيل - لا يوجع الموتى بل يوجع الأحياء
ولكن رحيلك زاد إيماني بأن إلى ربك الرجعى
ورسخ يقيني بأن ما عند الله خيرٌ وأبقى
رحلتِ قبل أن تشهدي
بقية حكايا أحفادك
رحلتِ فغاب ظلنا الظليل
واكتوينا بحرقة فراقك
رحلتِ وخلفتِ بعدك أروحاً
يتخطفها الحزن والأسى..
المسبحة تحن لتسابيحك
وسجادتك علا نحيب شوقها حنيناً
وكل كائن عتيق في حجرتك نعاك فقداً
فكيف بقلوب حية أسرها الشوق للقائك
وكيف بحنين أعيننا لرؤيتك وتقبيلك
فيا ليت الكان يعود
أو يا ليت لي من سحر البيان شيئاً يا أمي
لأمضيت عمري أخط دواوين وصفك ورثائك
* * *
محظية أنا بشرف حمل اسمك واسم أبيك
فيا رب لا تحرمني لقاءً بها تتوق له نفسي
واجمعنا بها في مستقر رحمتك
فقد حوتنا جميعاً في دنياها
(أبناءً وبنات وأحفاداً وأبناء أحفاد) حباً ودعاءً وخوفاً وسؤالاً.