نجا العراق من مجزرة طائفية كبرى كانت ستتجاوز في عدد ضحاياها وانعكاساتها المحلية وحتى الإقليمية كل ما جرى من أحداث طائفية في العراق.
هذه المجزرة الطائفية خطط لها في ليل دامس ومن قبل أجهزة استخباراتية متغلغة في العراق منذ احتياج القوات الأمريكية لهذا البلد العربي واحتلاله وتسليمه إلى أعداء العرب الذين يزعمون أنهم أشقاء وما هم إلا أعداء عنصريون نشروا الطائفية في البلدان العربية القريبة لبلادهم، وسلخوا أجزاء كبيرة من العراق تمهيداً لضمها إلى إمبراطوريتهم الصفوية.
تفاجأ العراقيون وكل من يتابع أحداث العراق بقدوم عناصر وجماعات مسلحة تابعة لتنظيم داعش الإرهابي تشن هجوماً صاعقاً ومنظماً استهدف مدينة سامراء.
والذي لا يعرف سامراء فنوضح بأنه قضاء تابع لمحافظة صلاح الدين، تقيم فيه قبائل عربية، ويشكل أهل السنة غالبيتهم، ويكاد القضاء مقصوراً عليهم، وفي وسط المدينة ينتصب مقام الإمامين العسكريين اللذين يعدان من (العتبات المقدسة) عند الشيعة، وظل هذان المقامان مبجلين ومحترمين ومؤمنين بصورة تامة طيلة العهود من الحكم الملكي إلى نهاية حكم صدام حسين، وعند الاحتلال الأمريكي للعراق كانت سامراء من المدن العراقية التي لم تظهر حباً ولا ترحيباً بالقوات الأمريكية وحلفائها من الذين جاؤوا خلف الدبابة الأمريكية.
وحاول الحكام الطائفيون الجدد أن يضعوا رِجلاً لهم ومكاناً في المدينة، وبالتحديد بالقرب من المقامين للإمامين العسكريين، وكان لابد من إيجاد ذريعة لذلك، فدبرت جريمة تفجير المقامين، وقد ثبت بعد ذلك أن مخابرات فيلق القدس هي التي دبرت تلك الجريمة التي اتهمت بها عناصر متطرفة من المكون السني، إلا أن الذي ثبت فيما بعد هو قيام المخابرات الإيرانية بهذا العمل الإجرامي عبر تجنيدها عناصر إرهابية من تنظيم القاعدة لهم ارتباط بالنظام الإيراني، وقد أتاحت تلك الجريمة لقوات الحكومة وأجهزة الأمن التي تدار من قبل مكتب نوري المالكي التواجد في محيط المرقدين ووضعهما تحت حمايتهم، ولكن لأن المدينة وأهلها جميعاً من أهل السنة وفي ظل المخططات المتسارعة التي تقوم بها قوات المالكي من (تطهير) المدن والمناطق المحيطة والقريبة من بغداد من أهل السنة، فقد صدر القرار من طهران ومن مكتب المالكي بالتحديد للاستيلاء على مدينة سامراء بأكملها، والخطة جاهزة تحرض عصابات داعش للهجوم على سامراء وبالطريقة نفسها التي مكنوا فيها من دخول مدينة الفلوجة.
دخلت قوات ومليشيات «داعش» إلى أجزاء من مدينة سامراء وأُشيع بأن هدفهم تدمير المرقدين للإمامين العسكريين.
وهنا جاء دور قوات نوري المالكي التي دخلت المعركة لتطهير سامراء من داعش، وفي إطار العملية العسكرية يتم إخلاء المدينة من أهل السنة ويسكن بدلاً منهم من يستجلب من مدن الجنوب العراقي، ومن الإيرانيين الذين أخذوا يتدفقون بكثرة على العراق، لتصبح سامراء مدينة شيعية، إذ يرى هؤلاء الطائفيون أنه لا يجب أن تبقى (العتبات المقدسة) الشيعة تحت سيطرة أهل السنة.