إن الموضوع الذي أكتب فيه ليس جديداً, فهو حديث المجالس في كل يوم, و لا تخلو الصحف من خبر أو مقالة عنه, و المجمل أن الجميع يتفق على أننا نواجه مشكلة عويصة تتعلق بحياة الإنسان لم تعالج حتى اليوم معالجة جذرية حاسمة.
إنها مشاكل المرور والسير التي أطلق عليها البعض إرهاب الشارع.
قبل أن أتقدم ببعض الرؤى و الأفكار أقدم بعض الإحصاءات السريعة الموجزة عن حوادث المرور؛ ففي شهر جمادى الآخرة من هذا العام (1435هـ) ووفقاً للمنشور في صحيفة عكاظ تبين وقوع 145 حادثاً مرورياً نتج عنها 121 وفاة, و 491 إصابة. و في شهر (رجب) و من خلال متابعة سريعة قمت بها هناك كان ما لا يقل عن وفاة ثلاثين فرداً في حوادث اصطدام أو انقلاب داخل المدن و على الطرق السريعة. و لفت انتباهي في إعلان نشر في الجزيرة (ع 15221) في 3 شعبان 1435هـ تضمن إشارة إلى وفاة سبعة عشر شخصاً في حادث مروري واحد.
و في دراسة مطولة لأرامكو السعودية تناولت موضوع حوادث المرور على نحو عميق و تفصيلي.
فمما أشير فيها أن الوفيات المتوقعة عن الحوادث المرورية في 2019 ستصل إلى 9604 و أن تصل الخسائر المادية نهاية عام 2014 إلى 14 مليار ريال سعودي، وفي 2019 تصل إلى 23 مليار ريال، فيما تقفز الإصابات في العام نفسه إلى 68887 حالة، و مع نهاية عام 2014 تصل إلى 57814 حالة، علما أنه في عام 2009 لم تتجاوز الإصابات 48156 حالة.
و ركزت الدراسة على مقارنة خسائر الحوادث البشرية بما أنتجته الحروب عالميا خلال العشرين عاماً الماضية، مؤكدة بأن قتلى الطرق في المملكة العربية السعودية جراء الحوادث أكثر.
وطرحت الدراسة سؤالا: لماذا يتجه الوضع نحو الأسوأ ممثلاً في نمو عدد المتوفين في الحوادث سنويا؟
فيما تمكنت دول من تقليص حالات الوفاة الناجمة عن الحوادث وفق خطة منهجية مدروسة.
وتطرقت إلى الضغط الشديد الذي يعاني منه القطاع الصحي، مشيرة إلى أن بعض أسباب أزمة الأسرة في المستشفيات تعود للحوادث، إذ تستحوذ الحوادث من كل 100 سرير على 30% من أسرة المستشفيات، بمعدل إصابة أو إعاقة كل 15 دقيقة، وكل دقيقتين حادث مروري.
و بناءً على ما سبق:
فإنني أعتقد أن مشكلة السير و المرور تعد أهم المشاكل التي تواجه المجتمع السعودي و التي يجب أن تعالج في هذا المجلس لأنها تتعلق بحياة الإنسان، فكم من أسرة فقدت عزيزاً، و كم من أسرة تعيش حالة حزن لوجود مصاب مقعد، أو جريح، أو في حالة غيبوبة لا يعي ما حوله.
إضافة إلى الأثر الاقتصادي السيئ الذي يتمثل في خسائر تقدر بعشرات المليارات في كل عام..
و إذا كانت أرواح جميع من فقدناهم في الحوادث تعني لنا الكثير فالأمر يتطلب أن يولي هذه المسألة عناية أهمية كبرى و أن ينظر في تشكيل لجنة عليا تتكون من أعضاء من:
وزارة الداخلية, وزارة التربية و التعليم, وزارة النقل, وزارة الشؤون البلدية و القروية, وزارة الشؤون الإسلامية و الأوقاف و الدعوة و الإرشاد, و هيئة الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر, و إضافة إلى أعضاء من مجلس الشورى.
مع إشراك متخصصين معروفين لهم نشاط في هذا المجال. و الاستعانة بخبراء من دول أخرى لدراسة الموضوع دراسة تفصيلية, ميدانية و ليست نظرية, تخلو من المجاملة و تستقصي أسباب هذه المشكلة، و تكشف عن الثغرات و تنتهي إلى تقديم الحلول و السبل الكفيلة إلى خفض أعداد القتلى و المصابين لأنني أعرف أن القول بإيجاد حل يقضي على المشكلة برمتها يعد أمراً مستحيلاً.
أنهي بخبر نشر في صحيفة المدينة (ع 18666) الأحد 3 شعبان 1435هـ أن طالباً سعودياً مبتعثاً في الولايات المتحدة الأمريكية انقطع اتصاله بأهله لمدة عشرة أيام ليتبين في النهاية أنه كان موقوفاً في أحد مراكز الشرطة الأمريكية بتهمة تجاوز السرعة على الطريق السريع..
و لكم أن تقارنوا بين نظام هنا و نظام هناك من خلال هذا الخبر.