أثناء مروري بمبنى مستأجر جميل في إحدى المناطق الهامة استرعت انتباهي لوحة الكبيرة معلقة في واجهة المبنى مكتوب عليها بالخط العريض «فرع وزارة الإسكان بالمنطقة».
المبنى المستأجر عبارة عن عمارة مكونة من ثلاثة أدوار استأجرتها الوزارة ولم تشيدها، ولو سألنا عن السبب فستأتينا التبريرات الجاهزة أشكالاً وألواناً أقلها أن الوزارة جديدة وما زالت في طور التكوين والتجهيز. قد يتبادر إلى ذهنك أن الوزارة قد بدأت مهامها قبل سنة أو سنتين!
الحقيقة غير ذلك فوزارة الإسكان تأسست في الشهر الرابع من عام 1432هـ أي أنها تسير في سنتها الرابعة وكانت قبل ذلك بمسمى هيئة وتم ترفيعها لوزارة إيماناً من الدولة -أيدها الله- بأهمية السكن، وبما أنها وزارة للإسكان فقد وجدت من أجل توفير المساكن للمواطنين ومتوقع منها أن تشيد لإداراتها وفروعها صروحاً إنشائية مملوكة للدولة ولا تلجأ للاستئجار لأنها، وقد فعلت لن تتميز عن أي مواطن مستأجر يعلل نفسه بآمال السكن الملك ليل نهار. يتمنى وحدة سكنية ولو كانت صغيرة وعن المدينة بعيدة تكفيه عناء الإيجار.
حين تقطن الوزارة المعول عليها في تأمين السكن للمواطنين بيوتا مستأجرة فإنها لا تقدم المثال والنموذج في التملك.
حاولت أن أربط الأمور ببعضها. وزارة للإسكان تستأجر ومواطن مستأجر. ضعف الطالب والمطلوب فكيف يستجير مستأجر بمستأجر وكأنه كالمستجير من الرمضاء بالنار، والوزارة طبيب يداوي الناس وهو عليل. كلاهما في هم الإيجار غرق. هل ينتظر هو حتى تتخلص هي من هم الإيجار ليسعد هو الآخر بنزع أطرافه من أغلال أهل العقار، وينعم بقية العمر ببيت العمر، أو يردد مع الحادي ترانيمه «شابت لحانا ما لحقنا هوانا».
قد يقول مداخل قدحت في ذهنه فكرة خطيرة من تلك الأفكار التي تأتي في أوقات الاسترخاء والسلطنة يا أخي لا يهم أن كانت مباني الوزارة ملك للدولة أو بالإيجار، المهم العمل والإنجاز.
سأتفق معه وسأسير معه إلى خط النهاية إن كانت للنهاية معالم واضحة، وخطط للوزارة مبرمجة بحدود مكانية وزمنية معلومة، ونتائج مبشرة بتوزيع وحدات بين فترة وأخرى.
سأسأله في البداية هل أنجزت الوزارة شيئا من الخمسمائة ألف وحدة سكنية التي أمر بها خادم الحرمين الشريفين يحفظه الله، وهل سلم منها شيئا ولو محدودا للمواطنين! سأجيبه بعد أن دخلت إلى موقع الوزارة فوجدت أن أبرز الملامح من بين ما هو مطروح إستراتيجيات وبرامج ودراسات وتصاميم. حاولت أن أتعمق أكثر كي أضع يدي على طرف الخيط فأصبت بالدوار.
لعل شيئا مما خرجت به أن الوزارة تنفذ حالياً 47 مشروعاً تشتمل على 17 ألف وحدة، وأن هذه الوحدات رغم محدوديتها تعاني أيضاً من التعثر.
فيما باقي المشروعات وأهمها الخمسمائة ألف وحدة الأنفة الذكر والمنتظرة على أحر من الجمر من مواطنين ينتظرون الفرج ما زالت وربما ستظل طويلاً قيد الدراسات والتصاميم ثم الترسية والتنفيذ وكم ستأخذ هذه المراحل في حسبة قطار الإسكان البطيء.
قالها مجلس الشورى في معرض تعليقه على تقرير وزارة الإسكان «إن إنجازات الوزارة أقل مما قدم لها»، ولن أزيد حرفاً واحداً على ما قال.