مثلما ترفع الدولَ والمجتمعات زعاماتٌ وقياداتٌ أدت قيادتها الحكيمة وإدارتها للحكم الرشيد أن تسمو وتحتل مكانةً متقدمةً لدى شعوبها، هناك في المقابل قيادات جاءت عبر الانقلابات، أو عبر تنصيب الجيوش الغازية والمحتلة، وبدلاً من أن تنتشل هذه القيادات الطارئة شعوبها وتقود إلى بر الأمان، تدمِّر دولَها وتهدم مجتمعاتها وتذيق شعوبها الويل والثبور. هذا ما فعله زعيم الانقلابيين معمر القذافي الذي ترك ليبيا يعاني العديد من المشكلات السياسية والاجتماعية والبنوية. وفي العراق الذي كان وبرغم كل الحروب التي خاضها والحصار الاقتصادي الذي ضرب حوله، إلا أنه كان أحد البلدان التي سجلت معدلات نمو معقولة، ذلك في زمن صدام حسين الذي أُطيح به بعد غزو واحتلال أمريكي- بريطاني مشترك، ونُصب على العراق بعض ممن جاءوا إلى العراق خلف دبابات الاحتلال، بعضهم يُشك حتماً في صدق انتمائه للعراق، فأصولهم إيرانية وإن استبدلوا أسماءهم بأسماء عربية، فالعراقيون يعرفون حقيقة صولاغ، والطبطبائي، والشيرازي، والشهرستاني، ولا يغرهم ادعاءهم الانتماء إلى قبائل عربية، إذ يؤكد العديد من شيوخهم عدم معرفتهم بهم قبل الاحتلال وبعده. ونتيجة للدعم المقدم من المحتلين الأمريكيين، والصياغة الرديئة للدستور الذي تواطأ من قدموا من إيران والأكراد على وضعه، هُمِّش أهل السنة العرب، وأُقصوا عن الواجهة السياسية، ليتصدرها من كانوا يتسكعون في أزقة طهران وشوارع دمشق، ويصبح بائع السبح رئيساً للحكومة في العراق، وقائداً عاماً للقوات المسلحة، ووزيراً للدفاع والداخلية والأمن الوطني والمشرف على المخابرات.
ماذا يُتوقع لدولة رئيس حكومتها متخصص في بيع السبح، فيصبح ممسكاً بكل الوزارات الأمنية والدفاعية، فلا عجب أن تنفرط القطاعات العسكرية العراقية كما تنفرط السبح.
من يتصور أن الجيش العراقي والذي يشغل نوري المالكي منصب القائد العام فيه، يشغل فيه 370 ضابطاً برتبة فريق وعدد من الضباط من يحمل رتبة فريق أول، هذه الرتب العسكرية العليا التي لا توجد في إي دولة في العالم، فجميع جيوش حلف الناتو لا يوجد فيها ربع هذه الرتب، والولايات المتحدة الأمريكية التي تمتلك أقوى جيش في العالم لا يوجد فيه سوى 27 ضابطاً برتبة فريق، وكان ممكن للعراقيين أن يتغاضوا عن «كرم أبو سبح» في منح الرتب العسكرية العليا، لو أن هؤلاء الضباط استطاعوا أن ينجزوا مهمتهم، فحتى مواجهة أبناء العشائر لم يفلحوا فيها، بل تسابق أصحاب الرتب الكبيرة هذه على الهروب والوصول قبل غيرهم إلى الطائرات المروحية.
ماذا يُنتظر من جيش هؤلاء قادته، وماذا يُنتظر من حكومة يرأسها شخص آخر مهنة له كانت بائع سبح. رحم الله قادة العراق الذين يتحدث التاريخ عنهم كثيراً، من نوري السعيد إلى عبدالرحمن البزاز إلى فاضل الحمالي وصالح جبر.