خبر القبض على عصابة السطو على محل للذهب والاستيلاء على ما قيمته تقارب خمسة ملايين ريال وبوقت قياسي في حسابات الأجهزة الأمنية، يعد إنجازاً يُسعد كل مواطن ومقيم، وليس هذا هو الخبر المفرح الوحيد إنما هو كمثال قريب من وقائع وحالات متعددة سَجّلت بها أجهزتنا الأمنية بصمات واضحة تبرهن على قدرات لا يُستهان بها في العمل الميداني الأمني، فلهم الشكر من قمة رأس القيادة الأمنية إلى أصغر عنصر ورجل أمن فكل له دوره وأهميته في حماية حياض الوطن والسهر على أمنه، ولا أحسبهم عاجزين عن الإحاطة بكل ما يُخل بالأمن، من ترحيل للمخالفين لأنظمة الإقامة والعمل، والمتسلّلين ونحوهم، وهذا يعني - كما قلت سابقاً- اجتثاثهم من ديارنا التي دخلوها تسلّلاً وتهريباً وبتزوير الأوراق والمستندات، ثم أمعنوا بالسطو والسرقات والعدوان بأنواعه والإفساد بالأرض، لأنهم فقط وجدوا بيئة خصبة مزروعة بالعطف والتسامح، لكنهم قرؤوه قراءة خاطئة، ولم يَحسبوا حساباً لنفاد صبر المسئول والمواطن، الذي لن يتبعه إلاّ قرارات حازمة حاسمة بمعالجة الوضع جذرياً، أمن الوطن والمواطن لا تعتريه العواطف والتأويلات، فمع تتابع الحملات الأمنية المتنوعة إلاّ أن طغمة من العمالة لا ترتدع بأي عقاب وإجراءات وأنظمة، وما زالت تُمعن في اقتراف كل المخالفات والمحذورات مما يُعد تجاوزاً لخطوط حمراء في العرف الأمني، وتدل أعمالهم على انعدام المبالاة بالأنظمة وقوانين البلاد الطيبة التي احتوتهم وآوتهم، وأتاحت لهم فرص العيش الكريم، بل إن أفعال كثير منهم تدل على التحدي والعصيان بما يقترفونه من مخالفات جريئة خارج نطاق المعقول، فهم - في نظري- لا يمكن إلا أن يكونوا أحد أصناف من العمالة التي زُج بها في بلادنا ومنهم مجرمون محترفون من خريجي السجون في بلادهم أو أفلتوا منها قبل نهاية المدة، أو أنهم من أسوأ وأردأ من لا يجيدون أي حرفة أو مهنة، جمعوا كالقطعان تحت مسمى عمال ودُفِع بهم إلينا فتلقفناهم وتحمّلنا كل شرورهم، وما زلنا ندفع الثمن مادياً وأمنياً واجتماعياً، والغريب أن فئة المجرمين منهم تستغل الفئة الأضعف الرديئة وتُشغّلها في كل ممنوع ومخالف، وكمثال: فقد كشفت وزارة التجارة والصناعة مؤخراً عن وجود مستودعَيْن في حي الفيصلية جنوبي الرياض تديرهما وتعمل بهما عمالة وافدة تعمد إلى تزوير بلد المنشأ لقطع غيار السيارات، ووضع ملصقات لماركات مشهورة، حيث تم مصادرة أكثر من 100 أف قطعة غيار تبلغ قيمتها ملايين الريالات، كما أطاحت الوزارة بمجموعة من العمالة الوافدة تخزّن المحروقات داخل صهاريج صُنعت بطريقة بدائية غير مؤهلة لذلك، وتخفيها في استراحة بمحافظة الزلفي بغرض بيعها بطريقة مخالفة، وتمتهن عمالة وافدة في حراج بن قاسم جنوب العاصمة الرياض بيع إطارات مستعملة ومغشوشة غير مكترثين بخطورتها على الرغم من قرار المنع والعقوبات بهذا الشأن، هذه أمثلة فقط ولا أريد الاسترسال بطرح المزيد: كمن يبيع كوارع الكلاب أو مفروم لحوم الحيوانات النافقة وغير ذلك كثير، فالأمر الآن يتعدى طرح الأمثلة التي باتت معروفة للجميع ويبقى العمل على محاصرة مَوَاطِن الخلل وأوكار الإجرام وتطهير البلاد ممن لا يقيمون وزناً لها ولأهلها.