تنطلق اليوم الاثنين في جهات البلاد كافة عمليات تسجيل المقترعين في الانتخابات القادمة التي أخلف رئيس المجلس التأسيسي وعده بتحديد موعدها النهائي خلال الأسبوع الماضي بسبب وجوده في مهمة بالخارج.
ويعتري أعضاء الهيئة المستقلة للانتخابات خوف شديد من تجاوز الموعد المحدد دستورياً لتنظيم اللانتخابات في ظل التجاذبات السياسية الكثيرة التي تسود الطبقة السياسية وتلقي بظلالها على عمل الهيئة وعلى استعدادات الأحزاب السياسية لهذه الاستحقاقات، التي بعثرت أوراقها حركة النهضة بدعوتها الأطياف السياسية إلى التوافق بشأن مرشح وحيد للانتخابات الرئاسية.
ولم تنته ردود الأفعال المتشنجة في أغلبها على ما اقترحته النهضة واعتبرته كبرى الأحزاب الفاعلة في الساحة المحلية تجاوزاً للشرعية وانقلاباً على المسار الديمقراطي ككل، فيما تسعى النهضة إلى توضيح معالم مقترحها الذي ترى أنه الحل الأمثل للتركيز على الانتخابات التشريعية التي ستفرز مجلساً للشعب، هو الذي يملك أغلبية الصلاحيات التي لا يتمتع بها رئيس الجمهورية الحالي والمقبل.
وبالرغم من خروج حزبي المؤتمر والتكتل ضلعي النهضة في الترويكا المستقيلة، عن خطها وإعلانهما معارضة مقترح النهضة بشدة، إلا أن القياديين النهضويين لم ييأسوا بل واصلوا تحركاتهم يميناً ويساراً في مسعى لكسب حلفاء لفكرتهم التي تشبثوا بها رغم استحالة تحقيقها ... حتى بعد أن صرح الشيخ راشد الغنوشي زعيم الحركة بأن الباجي قائد السبسي زعيم حركة نداء تونس ثاني أكبر الأحزاب في تونس، قد يكون المرشح التوافقي للرئاسية ... إلا أن الندائيين رأوا في هذا التصريح مناورة «غنوشية» جديدة لسحب البساط من تحت أقدامهم، مؤكدين أن هذا المقترح الغامض إنما يذكرهم بمحاولات اقتسام كعكعة السلطة بين النهضة والنداء التي تحدث عنها البعض، مشيرين إلى دخول المناخ السياسي مرحلة الاستقطاب الثنائي بكل قوة.
ويرجح محللون سياسيون «أن عدم قدرة النهضة على ترشيح منافس بندية على الرئاسية من قيادييها في الوقت الراهن هو الدافع إلى إطلاق مبادرتها لعلها تربح الرئاسية دون أن تترشح لها مباشرة، كما أنها تسعى إلى الاستفادة مما يمكن أن تحدثه التحالفات بشأن الرئاسية من اختراقات صلب الأحزاب»..
أمنياً، تتواصل الحملات الأمنية لمطاردة العناصر المشبوهة بانتمائها إلى تيارات متشددة والمتهمة بدعم الجماعات الإرهابية التي خفت ضجيجها خلال هذه الفترة، فيما حذر خبراء الأمن الشامل من استفاقة أخرى للخلايا النائمة المنتشرة في كامل جهات البلاد والتي من الممكن أنها تستعد لتوجيه ضربات موجعة لرجال الأمن والمدنيين على حد سواء...خصوصاً أن تهديدات جدية نقلتها أجهزة استخباراتية غربية للسلط التونسية لا تزال تستهدف شخصيات سياسية أبرزها الشيخ راشد الغنوشي والباجي قائد السبسي وعدد من الإعلاميين واليساريين، بما يقيم الدليل على أن الإرهاب خطر يتربص بأطياف المجتمع التونسيين كافة يميناً ويساراً ولا يستثني أي تيار سياسي..
ويخشى الشارع التونسي من تسرب بعض الإرهابيين من الحدود مع ليبيا التي لا تزال تعيش أزمة سياسية وأمنية خطيرة، بما يهدد الاستقرار الهش ويضر باستعدادات البلاد لخوض الانتخابات التي وإن لم يتحدد موعدها النهائي إلى غاية اليوم، إلا أن الأحزاب السياسية انطلقت في سلسلة من النشاطات داخل الجهات لحشد أكبر عدد ممكن من مناصريها لخوض الاستحقاقات بإحكام يخول لها الفوز.
في السياق ذاته تشير تقارير إعلامية إلى أن أخبار تبعات العمليتين الأمنيتين اللتين جدتا مؤخراً بمنطقتين مختلفتين بشمال البلاد وخلفت مقتل خمسة إرهابيين بينهم المتهم الرئيس في قضية إرهابية سابقة بالجهة نفسها لا تزال تتواتر من حين إلى آخر، وآخرها - وفق ما يتردد - وصول إرسالية قصيرة من شقيق هذا الإرهابي إلى أحد أقاربه بمحافظة جندوبة (150 كلم شمال غرب العاصمة تونس) توعد فيها بحرق وردم المكان الذي قتل فيه شقيقه.
وتفيد بعض المصادر أن السلط المعنية أخذت محتوى الإرسالية مأخذ الجد واتخذت الإجراءات الأمنية الضرورية لصد أي عمل تخريبي محتمل. وفي سياق متصل اتصلت العائلة التي قامت بالإبلاغ عن إرهابيي جندوبة، تلقت هي الأخرى مكالمة هاتفية من أحد الإرهابيين المتخفين توعد خلالها بتصفيتها كرد فعل على إيصال معلومة وجودهم إلى المصالح الأمنية، وقد تعاملت المصالح الأمنية مع هذه المعلومة أيضاً بكل جدية وأحاطت هذه العائلة بالحماية الضرورية.
وبالتوازي مع تراجع حدة الاحتقان في القطاع التعليمي الذي سجل إضرابات قاتلة خلال دورات اختبارات آخر العام الدراسي، ما أثر على سير الامتحانات، تعيش قطاعات حيوية أخرى إضرابات في غير وقتها، من ذلك ما قرره أعوان الصحة العمومية وما نفذه عمال النظافة في كامل جهات البلاد مما جعلها ترزح تحت ثقل الفضلات والمزابل التي تكدست لأربعة أيام متتالية في الشوارع زادتها حرارة الطقس إضراراً بالبيئة والصحة العامة.