صادق المجلس التأسيسي على مشروع القانون المتعلّق بمواعيد إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية، بموافقة 125 نائباً، واحتفاظ 17، ورفض 13 من جملة 217 نائباً في المجلس.
وينص القانون على تنظيم الانتخابات التشريعية يوم 26 أكتوبر 2014، وتنظيم الدورة الأولى للانتخابات الرئاسية يوم الأحد 23 نوفمبر، وفي صورة تنظيم دورة ثانية للرئاسية لن يتجاوز تاريخ إجرائها موفى 2014 وفق ما ينص عليه الدستور الجديد.
وكانت الهيئة المستقلة للانتخابات انطلقت منذ الاثنين في تنفيذ حملة واسعة النطاق لحث التونسيين على تسجيل أسمائهم في قائمات المقترعين، في إطار حرصها على تشريك أكبر عدد ممكن من الناخبين والقطع مع سياسة رفض المشاركة في الاستحقاقات الانتخابية القادمة.
ولئن استبشر التونسيون بتحديد موعد نهائي لتنظيم الانتخابات التي ستقطع نتائجها مع المرحلة الانتقالية الصعبة التي لا تزال تعيشها البلاد، فإن الاحتقان الذي عاد ليسيطر على الساحتين السياسية والاجتماعية، جعل الفرحة منقوصة بل وأدى إلى توتر الأجواء العامة بالبلاد التي تستعد لاستقبال شهر رمضان المعظم كسائر البلدان الإسلامية الأخرى. سياسياً، اختلطت الأوراق على طاولات الأحزاب السياسية بعد تقديم حزب المسار المعارض لمبادرة تتعلق بتجميع ما تبقى من تيارات صلب «الاتحاد من أجل تونس» بعد خروج نداء تونس منه وقطع الحبل السري الذي كان يربطه بمختلف الأطياف المشكلة للاتحاد .... من ذلك أن حزب المسار أعلن صراحة ترحيبه بحزب المبادرة الذي يضم أكبر عدد من المنتمين سابقاً لحزب التجمع المنحل، في محاولة لضرب مخططات نداء تونس المرتكزة على تجميع القوى التجمعية والدستورية (نسبة إلى حزب الزعيم بورقيبة الحزب الاشتراكي الدستوري)، ولئن يبدو أن مبادرة النهضة بترشيح شخصية توافقية وحيدة للانتخابات الرئاسية، قد تم وأدها في المهد على خلفية المعارضة الشديدة التي أبدتها الأحزاب المعارضة والقريبة من النهضة (المؤتمر والتكتل أساساً)، فإن كل الدلائل تشير إلى لخبطة كبيرة تعيشها أغلب التيارات السياسية بعد بعثرة برامجها الانتخابية في مراحلها الأولى ... ويعتقد المحللون السياسيون أن ملامح التحالفات السياسية قابلة للتغير في كل لحظة بالنظر إلى الأحداث التي تقع في كل حين، مما يؤثر سلباً أو إيجاباً على بوادر وعود توحد البعض من الأحزاب قبل دخول الانتخابات، ثم فك الارتباط بعد ساعات من ذلك.
ويرى المراقون للشأن المحلي أن القيادات الحزبية تعيش أحرج فتراتها، خاصة وأنها تتراجع يومياً عن خططها الانتخابية وتغيرها وفق أهوائها ومصالحها الشخصية، مما أربك عمل القواعد الشعبية التي ظلت في حيرة من أمرها وقد أضاعت الاتجاه الصحيح لتحركاتها. اجتماعياً، تجد حكومة المهدي جمعة نفسها عاجزة، كما حكومتي الترويكا اللتين سبقتاها، عن إيقاف نزيف الاحتجاجات الشعبية والإضرابات التي تمس قطاعات حيوية، إلى جانب المطالب الملحة والعصية على التنفيذ لقطاعات أخرى تهدد بالتصعيد. ففي هذا الظرف الحرج الذي تلاقي فيه حكومة المهدي جمعة صعوبات جمة لتوفير موارد مالية ضرورية لدفع المستحقات الشهرية لموظفي الدولة، لا تتوانى النقابات عن الضغط عليها للزيادة في الأجور، والحال أن فريق التطنوكراط بالكاد يقدر على تسديد التزاماته الشهرية المحلية.
ولا تختلف الحال في القطاع الخاص بالرغم من التوصل إلى اتفاق بين اتحاد الشغل ومنظمة الأعراف حول الزيادة في الأجور، حيث رفض أغلب أصحاب المؤسسات الخاصة بنود الاتفاق وبالتالي حرمان أكثر من 600 ألف عامل من الترفيع في أجورهم ... مما أربك الجو العام حيث تهدد النقابات العمالية الخاصة بشن إضراب مفتوح مع أول أيام شهر رمضان المعظم ... وما قد ينجر عن ذلك من تداعيات سلبية على سير العمل وعلى الإنتاجية بصفة عامة، خصوصاً أنها تسجل هذه الأيام أدنى معدلاتها.
إلا أن طعم استعدادات هذا العام للشهر الكريم، تنغصها تحذيرات خبراء الأمن الشامل الذين ما فتئوا يدقون نواقيس الخطر من إمكانية إعادة استفاقة الخلايا الإرهابية النائمة المنتشرة في البلاد، ذلك أن أخباراً غير مؤكدة تتداولها وسائل إعلام محلية تؤكد أن الجماعات المسلحة تستعد لتوجيه ضربات موجعة للجهاز الأمني والعسكري خلال شهر رمضان المعظم مما استوجب إرساء حالة من الاستنفار القصوى والتكثيف من حملات المراقبة وتمشيط المرتفعات شمالاً وجنوباً تحسباً لأي طارئ.