الإعلام قوة، وكم دولة ضعيفة وهامشية وصلت إلى العيون والآذان بإعلامها القوي والمؤثر، هنا في السعودية، دولة قوية ورائدة وحضورها السياسي مؤثر لكن إعلامها التلفزيوني لا يواكب الحضور السياسي للدولة، لا أعرف بالتحديد أين الخلل، خصوصاً إذا عرفنا الميزانية الضخمة للقطاع الإعلامي وخصوصاً قطاع الإذاعة والتلفزيون.
قنوات تلفزيونية لا تتطور، وطاقات بشرية معطلة،
وبالتالي صوت الدولة لا يصل بالشكل المطلوب للداخل والخارج، والسؤال المهم هل وظفت القطاعات الإعلامية الحكومية الطاقات المادية والبشرية بالشكل السليم، خصوصاً في هيئة الإذاعة والتلفزيون؟
لست متشائما ولا أحب المتشائمين ولكن تلفزيوننا الحكومي لا يرقى إلى المستوى المأمول، خصوصاً مع وجود طاقات شابة مؤهلة مهملة وغير مستفاد منها، ولا تحظى بالتقدير اللازم، مقارنة بزملائهم الذين يعملون بالمؤسسات الصحفية، تلك المؤسسات العريقة التي تمثل بحق نمو وتطور الصحافي السعودي مقارنة بزملائه في المنطقة العربية، هذه الريادة الصحافية التي كان سببها وباعثها صحفنا السعودية الرصينة كان بالإمكان أن تحفز القطاع التلفزيوني، لكن للأسف الواقع يجعلنا نخشى على مستقبل تلفزيوننا الرسمي الذي يسير ببطء في عالم متجدد ومتغير.
تطوير التلفزيون السعودي لا يمكن أن يتحقق بإعادة تدوير المناصب بين القيادات التي أعطت كل ما لديها، كما لا يمكن أن يحققه أكاديميون لا يعرفون شيئاً عن صناعة التلفزيون، ولا عذر لهيئة الإذاعة والتلفزيون التي منحتها الحكومة ميزانية ضخمة مليارية، وما زالت غير قادرة على إنتاج مادة تلفزيونية مؤثرة، والمؤلم في تلفزيوننا العزيز التراجعات الكبيرة التي تشهدها قناة الإخبارية، التي بدأت بداية قوية ولكنها تعرقلت وانكمشت وأصبحت بلا هوية وفقدت حضورها ومعايشتها للشؤون السياسية والاجتماعية.
أين تغطية قنواتنا الرسمية للأوامر الملكية خصوصاً تلك المتعلقة بمكافحة الإرهاب، وتجريم الانضمام للأحزاب والتيارات المعادية للوطن؟ أرجو ألا يجيبني المسؤولون في الهيئة بأنه تمت تغطيتها بشكل كامل، فالمتابع يلحظ أن قنواتنا كانت مغيبة، وأقل بكثير مما يجب مقارنة بقنوات أخرى تتناول الشؤون السعودية بمهنية واحترافية وتحليل عميق، يظهر الأبعاد السياسية والاجتماعية لأي قرار يتخذ، كذلك لو قارنا أداء التلفزيون بكل قنواته المعنية، بالصحف الورقية لوجدنا فرقاً شاسعاً في مستوى التناول الصحفي والمهني.
التلفزيون برأيي يحتاج إلى صحافيين مؤهلين، ويحتاج إلى من يرعى الطاقات الشابة، وأن تحل المشكلات التي تؤدي إلى نقص فاعلية الموظفين، وأهمها تأخر مرتبات المتعاقدين، ومشكلات التأمين الطبي وخلافه من مميزات يفتقدها الموظف، فالإعلام وخصوصاً الصحافة التلفزيونية لا يمكن أن تتميز من دون عمل ميداني، متحرر من المركزية.
أمامنا تحديات كبرى، وبلا إعلام قوي لا يمكننا أن نحقق أي نجاح، وهذا لا يعني أبداً أننا ضدهم كأشخاص، فالشخصنة لا تحقق المصلحة العامة التي نسعى جميعاً لتحقيقها.
أتمنى أن تصلح هيئة الإذاعة والتلفزيون أحوالها، وألا تعطي الاهتمام للأجانب من مذيعات ومعدين ومحررين، وتتناسى الصحافيين المواطنين الذين يحتاجون لمن يرعاهم ويوجههم ويفجر طاقاتهم لخدمة وطنهم من خلال التلفزيون، وأن تولي اهتمامها للجانب الصحافي التلفزيوني بأسلوب علمي ومهني ينافس المؤسسات الإعلامية التي لا تتمتع بالقوة المالية والبشرية المتوافرة في هيئة الإذاعة والتلفزيون.