بعد الاختراق الذي حققه تنظيم داعش في العراق بعد تحالفه مع عدد من التنظيمات المسلحة وهيمنته على المناطق الشرقية من سوريا، بدأت التنظيمات الإرهابية الأخرى (الشقيقة) لداعش - كونهم خرجوا من التيار الإرهابي نفسه، ومن ضرع تنظيم القاعدة - بدأت هذه التنظيمات في التنافس ومزاحمة بعضها بعضاً، لتأكيد (زعامتها) للتنظيم الذي وإن تعددت الأسماء التي تطلق عليه، إلا أنها لا تخرج عن تنظيم القاعدة الحاضن لجميع الأعمال الإرهابية التي تُنفذ تحت عباءة تيار ما يُسمى بـ(الجهاديين)، وكون تنظيم القاعدة في اليمن يُصَنَّف كأقوى تنظيم إرهابي لهذا التيار لم يرد أن يسرق منه الأضواء تنظيمٌ آخر حتى وإن كان على شاكلته وشقيقاً له، وأن تتوجه الأنظار إليه. فاختراقات تنظيم داعش في العراق وسوريا، والتي يقابلها تراجع لتنظيم القاعدة في اليمن الذي تلقى ضربات موجعة في الآونة الأخيرة، جعل قادة التنظيم في اليمن يغضبون وتمتلئ قلوبهم حقداً على نظرائهم في الإرهاب في العراق وسوريا، فدفعتهم (غيرتهم) هذه إلى القيام بأعمال إرهابية والتخطيط لعمليات أخرى لإعادة جلب الانتباه لأعمالهم الشريرة حتى وإن تكبدوا خسائر كبيرة في الأرواح. وهكذا خططوا ونفذوا عملية منفذ الوديعة، وفي جعبتهم خطط أخرى وعمليات إرهابية بهدف صنع وهج إعلامي لهم يوازي ما تحقق لداعش في العراق وسوريا. ولذلك، يجب أن لا يُغفل عن أفعال وخطط هذا التنظيم الإرهابي الذي تتسم أفعاله بالتهور وتجاوز كل الضوابط الشرعية والأخلاقية، فلا يهمهم أن تتم عملياتهم في شهر رمضان الكريم، وقد سبق وأن نفذوا عملاً إرهابياً قبل خمسة أعوام حينما حاولوا اغتيال سمو وزير الداخلية الحالي سمو الأمير محمد بن نايف، حينما أرسلوا شقيق مهندس المتفجرات إبراهيم عسيري مفخخاً إلى منزل الأمير محمد بن نايف الذي كان وقتها مساعداً لوزير الداخلية، مدعياً هذا الإرهابي توبته، وأنه يقصد سمو الأمير لإعلان توبته أمامه، فإذا به يفجر نفسه من خلال عبوة ناسفة زُرعت في أحشائه السفلى.
تلكم هي أساليبهم وأفعالهم، ولهذا وجب الحذر واليقظة من هؤلاء القوم الإرهابيين الذين يغارون من بعضهم بعضاً، ويتنافسون في تنفيذ الأعمال الإجرامية بحق أهلهم وإخوتهم المسلمين. وحسناً فعل سمو وزير الداخلية بتجديده تأكيدات سابقة ودائمة للأجهزة الأمنية، بتشديد الإجراءات الأمنية في المنافذ ومراجعتها بدقة، وعدم التراخي في هذه المرحلة الدقيقة التي تتطلب من الجميع اليقظة والحذر وليس فقط الأجهزة الأمنية ورجالتها، بل هناك واجب وأدوار مهمة للمواطنين والمقيمين سواء داخل المدن أو في المنافذ، إذ لابد من التعاون والإبلاغ عن أي سلوك وتصرف غير طبيعي، فأمن الوطن هو سياج لأمن واستقرار المواطنين والمقيمين.