في هذه المقالة أعددت وليمة من ولائم سقراط التي نحتاجها فكرياً حتى نتخلص من التلبك الثقافي الحاصل لنا، فما هو حاصل على موائد مجتمعي وثقافته لا يوجد شيء يدعى الحوار بالرغم من تأرجح هذه الكلمة في مسامعنا وفي برامج عدة نؤمن بوجودها دون العمل بها ابتداءً من الأسرة إلى البيئة التعليمية حتى نقف على طرقات الحياة.
لم نتعلم الحوار ولا النقاش.. ما هو وكيفية الأخذ به فقد كانت جدتي تنقش حكمتها في حياة أمي بأن تكون امرأة تسمع ولا تتكلم، وبأن زوجها يحكم دون رد أو معارضة من الشريك الآخر.. والرجل المحاور والمتسامح منعدم الشخصية في نظرهم لأنه يبحث عن الأسباب ولا زالت مسلسلات الطلاق والعنف والاستعباد مستمرة.
لننتقل للمعلم يلقي الدرس ثم يخرج في عجلة دون سؤال أو كلام أو إعطاء فرصة لطلابه بالاستمتاع بحوار تعليمي وبنفس الطريقة طلابه يحسبون الدقائق والتذمر من مسالمة إطالة المادة التعليمية او الخروج عن المضمون.
للأسف لازال ينقصنا الغذاء الفكري بنكهة حوارية لنستطيع توليد حلول او بدائل لأي موضوع او مشكلة قد نواجهها فهو لا يقتصر على وضع معين.
لنتذوق قليلاً الحوارات السقراطية لنتذوق حلاوة الحوار السقراطي الذي ابتكره سقراط بينه وبين أحد طلابه، وذلك من خلال طرح سؤال والحصول على جواب، ويستمر سقراط في طرح الأسئلة حتى يعجز الطالب عن الإجابة، حينها ينتقل إلى طالب آخر، وكان هدف سقراط تعزيز الإجابات، لكي يصل إلى الاجابة الصحيحة لفتح باب الحوار والتأمل والتفكير بالمنطق.
جاء دورنا الآن لنجعله منهجاً ثابتا في حياتنا ليتربى أبناؤنا على مفهوم التعمق في الأمور واستخلاص المطلوب تاركاً وراءه ممارسات خاطئة لا ينبع منه سوى سوء الفهم.
إن بدء الحديث والحوار بمواطن الاتفاق طريق إلى كسب الثقة وتفشي روح التفاهم. الحوار مفتاح نستطيع به فتح أبواب مقفلة.. وهو العصا السحرية التي تجد بها نتائج المواضيع العقيمة.
واختتم من أمثلة الحوارمن القرآن الحوار بين الله (جل شأنه) والملائكة: وإذ قال تعالى {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ} (30) سورة البقرة.