تبكي قناة الجزيرة على أحوال الشارع العربي، وما آلت إليه أحواله البائسة؛ من خلال إثارة الفتنة، وتعميق الانقسامات، وتكريس الخلافات، وتأليب الرأي العام العربي، - وذلك - تحت مسمى دعم النزعة التحررية، والانفصالية للأقليات العربية، والطوائف الدينية. - ولذا - فإن الصمت أمام ممارسات إعلامية خطيرة،
تتناولها القناة لا يصح. وبدلاً من أن تساعد تلك القناة العرب، والمسلمين؛ لتنقلهم إلى فضاءات جديدة في العمل الإعلامي الهادف، والبناء، أصبحت - مع الأسف - تعلن عن شعارات زائفة، ليس لها من اسمها نصيب في غالب ما تطرح. ونجدها في أغلب أخبارها، تبحث عن الإثارة - فقط -، وتشويه الحقائق، وقلبها من خلال سياستها الخفية غير المعلنة، وبث أشرطة التحريض على نسف الاستقرار في دول المنطقة.
إن المشاهد العربي - اليوم -، أصبح يملك فكراً واعياً، يبحث من خلاله عن المعلومة الحقيقية، وليس عن إثارة الشغب، وقلب الحقائق. والمتأمل لقناة الجزيرة، يجد أنها : فقدت عدداً ليس بالقليل من مشاهديها؛ بسبب تحيزها الواضح ضد الدول الكبرى في المنطقة، مما جعل كثيراً من المشاهدين، لا يثقون في الأخبار التي تأتي بها عن تلك الدول، بطريقة تتقمص المهنية الإعلامية، بينما هي في الواقع تزييف للوعي، وتغيير للحقائق، بعد أن جنحت نحو الإثارة، والشحن السياسي، والطرح غير المتزن والرصين، إلى غير ذلك من أساليب التشفي، والشماتة، وصناعة الكذب، والخداع. وعملت - أيضا - كل ما في وسعها على شق الصف العربي، وإثارة النعرات؛ مما أسعد أعداءنا : أن نكون أمة متنافرة متناحرة، تتجاذبها الصراعات، وتفتتها الانقسامات.
لدي يقين، بأن قناة الجزيرة نجحت بامتياز في إحداث التصدع في المجتمعات العربية، - وذلك - عن طريق فرض وجهة نظرها على الرأي العام العربي. - إضافة - إلى دعم كل ما يضر بوحدة الأمة العربية، والإسلامية، وتماسكها، وتشجيع أعمال التخريب، والفوضى، والفتنة. ومما يؤكد هذا اليقين لدي : أن مصادر علمية، أشارت إلى بعض وقائع قامت بها قناة الجزيرة، من خلال رسالة مفتوحة، وجهت إلى إعلاميي القناة، ومراسليها، ومن ذلك:
1- نشطت القناة باستضافة الوجوه الإعلامية المشبوهة، وقيادات عسكرية، - خلال - فترات البث اليومي؛ ليبثوا سمومهم للعالم العربي، من جهة؛ ولتقديم تبريراتهم عن ما يقوموا به من مجازر، وتدمير بحق الشعوب العربية .
2- عملت القناة على ضرب القواسم المشتركة بين الشعب العربي الواحد، من جهة، وما بين الجماهير العربية فيما بينها، وما بين العربية، والإسلامية، كنوع من تكريس نظرية التجزئة. - بالإضافة - إلى تفتيت وحدة العالم الإسلامي - نفسه -. ومثال على ذلك : الفتنة الطائفية، أو العرقية، وحتى الحزبية التي تحاول أن تثيرها بين الفينة، والأخرى.
3- ساهمت القناة في تكريس الانقسام، والتشرذم العربي الرسمي تحت مسميات، ومصطلحات حق، ولكن يراد بها باطل، كالتركيز في برامجهم على معسكري الاعتدال، والمقاومة؛ من أجل المس بسيادة دول بعينها. وما الهجوم المبرمج على «جمهورية مصر العربية»، إلا المثال البسيط في ذلك، بهدف زيادة التفكك، والتشرذم العربي؛ تسهيلا لمهمة المشرفين على إدارة تلك القناة، ومموليها بإثارة الشارع، وتفتيته في محاولة؛ لإيقاع الصدام ما بين الجماهير العربية، وأنظمتها الرسمية؛ ولإبقاء إسرائيل منفردة في منطقة الشرق الأوسط.
إن رسالة الإعلام، رسالة سامية صادقة، تجمع ولا تفرق، تبني ولا تهدم، تبحث عن الخبر الصحيح، وهو أخذ المعلومة الصحيحة من مصادرها الصحيحة. والوسيلة الإعلامية الصادقة، هي : التي تحترم مشاهديها، وتقدر قيمهم عن طريق صدق المعلومة، والصدق في التعليق عليها، وقراءتها بشكل مهني صحيح، ومن ثم تحليل المعلومة بشكل دقيق.
قناة الجزيرة، التي طالما افتعلت الأزمات، وقوبلت بالنقد - تارة -، وبالهجوم - تارة أخرى -، يجب أن تقابل بإجماع عربي على إدانتها، - لاسيما - وهي تغذي الفوضى الخلاقة، التي تسعى الولايات المتحدة الأمريكية؛ لنشرها في منطقتنا. فقد آن الأوان أن تكون نظرتنا أكثر عمقاً؛ لتناول الأمور بعقلانية أكبر.