لديه القدرة على اختراق كل حواجز اللغة، والعرق، والدين، وعندما تراه يتهادى على ملعب كرة القدم، تنتابك نوبة انجذاب لا إرادية، وتشعر أنه من الممكن جداً أن يكون صديقك، فهدوؤه، وثقته بنفسه، وابتسامته نصف المخفية، كلها عوامل جذب لهذا المهاجر الذي أسر كل متابعيه، فإضافة إلى أنه واحد من أفضل لاعبي كرة القدم حول العالم، فهو مطلب ملح للإعلام العالمي، إذ إنه - حسب هذا الإعلام - شخصية آسرة، ولطيفة، ومبتكرة، إنه مسعود أوزيل، النجم الألماني المسلم، من أصول تركية، والذي يعتبر من الجيل الثالث، فقد وُلد، هو، وأبوه قبله، في ألمانيا، ويعتبره معظم النقاد خليفة النجم الفرنسي، العالمي الآخر، زين الدين زيدان، واللافت أن كليهما مسلم، من أصول غير أوروبية .
مسعود أوزيل لا يتحدث كثيراً، ولا يحاول أن يستفز الآخرين، ناهيك عن أن يهاجمهم، أو يعلن براءته منهم، فهو مسلم مسالم، ومثلما أنه يلعب الكرة بمهارة، وذكاء، وهدوء، فهكذا هو على المستوى الشخصي، إذ إنه ينام ملء جفونه عن شواردها، ويدع أعماله تتحدث، وهي أعمال كبرى، وجليلة، فلم يذكر أحد أنه ألقى خطبة عصماء هاجم فيها مخالفيه من غير المسلمين، أو نادى بجمع تبرعات لهذه القضية، أو تلك، فهو يحاول أن يرسم صورة جميلة عن دينه، من خلال سلوكه الشخصي، وكرمه، وتعاطفه مع الآخرين، ولهذا كسب قلوب الشعب الألماني، وهو ذات الشعب الذي كان نازياً يكره كل ما هو أجنبي، بل ولا زال - حسب رواية صديق ألماني من أصول عربية - داخل كل ألماني نازي صغير، تقمعه القوانين الصارمة، ومع ذلك يخرج من قمقمه، عندما تقتضي الضرورة ذلك!.
أوزيل، الذي كسب تعاطف رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم، ورئيس الاتحاد الأوروبي، ومعهما ما لا يحصى من محبي كرة القدم حول العالم، يرفع يديه إلى السماء، ويقرأ القرآن قبل كل مباراة، بكل هدوء، كما أنه تبرع ببناء مسجد ضخم في ألمانيا، ووعد ببناء أربعة مساجد بالبرازيل، بعد نهاية كأس العالم الأخيرة، حسب الروايات، ويقال إنه بعدما حصل على مكافأة الفوز بكأس العالم، وقدرها أكثر من مليوني ريال، تبرع بها لأطفال غزة، هذا إضافة إلى أعمال خيرية كثيرة، والحقيقة هي أن أعمال هذا الشاب مبهرة، ولا أبالغ إذا قلت إنه خدم الإسلام، والعرب، وقضاياهم أكثر، وأكبر مما فعل ممتهنو هذا العمل مجتمعين، وربما أن من حسن حظ المسلمين أنّ التغطية الإعلامية العالمية المكثفة لمسعود أوزيل، كمسلم نبيل، وكنجم كروي ساهم بفوز ألمانيا بكأس العالم، توافق مع التغطية الإعلامية المكثفة للأعمال البشعة التي يقوم بها تنظيم داعش في العراق، وسوريا، وهذا عمل توازناً كنا في أمسّ الحاجة إليه، وفي النهاية ، أقول لكل من يريد أن يرسم صورة ذهنية جميلة، وجاذبة عن الإسلام لدى غير المسلمين: اقرأ سيرة النجم العالمي المسلم، مسعود أوزيل، واتبع خطاه!.