أتحفني الأخ الأستاذ صالح بن محمد بن علي الشويرخ بأثمن وأنفس ما يُهدى، وهو الجزء الثاني من كتابه « جولات في جوامع مدينة الرياض «، وقد قضيت في مطالعته وقتاً ماتعاً، واستفدت منه أموراً جيدة.
وأول ما يلفت نظر المطالع للكتاب هو جدة الفكرة وطرافتها. وهي : أن يقوم بالصلاة في معظم جوامع الرياض، بحيث يصلي الجمعة في جامع غير الذي صلى فيه الجمعة الماضية، وهكذا، منذ عام 1419هـ إلى عام 1434هـ، وهو في أثناء تنقله بين الجوامع يسجل مشاهداته، ويدون ملحوظاته وأفكاره، ويذكر الخطباء المؤثرين، والأشخاص الذين رآهم، وقابلهم في الجوامع، وأهم المواقف التي حصلت، والأخطاء التي يقع فيها بعض المصلين يوم الجمعة.
ومن أهم فصول الكتاب أنه ذكر في صفحة (169) مقترحاً وتوصيات للرقي بالجوامع، والخطباء، وزيادة تأثير خطبة الجمعة، وهي مقترحات، وتوصيات قيمة ؛ لأنها صادرة عن معاناة، ومشاهدة، وتجربة، مما يعطيها قيمة علمية. ومن أهم هذه المقترحات والتوصيات:
1) إجراء مراجعة من آن إلى آخر للجوامع ؛ لأن بعض الجوامع لا تتناسب مع الكثافة السكانية للأحياء.
2) إجراء صيانة دورية لجميع الجوامع.
3) ضرورة اعتناء الخطباء بأنفسهم بزيادة حصيلتهم العلمية والثقافية.
4) إقامة دورات تدريبية للأئمة والخطباء للرفع من مهاراتهم في الإلقاء، ومواكبة الأساليب الحديثة في إيصال الأفكار للمصلين.
إلى ذلك من المقترحات المفيدة التي ينبغي أن تستفيد منها وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد.
وبما أن الحديث عن المساجد، فقد بيّن الكاتب منزلة المساجد، ومكانته في القرآن الكريم، وفي السنة النبوية، وأبرز أثر المسجد في حياة الأمة، ومحبة المساجد، وآداب ريادتها.
وإذا كان الكتاب للجوامع والجمع، فقد أظهر المؤلف عظم يوم الجمعة وفوائده، وسنن وآداب صلاة الجمعة، وفضل قراءة القرآن يوم الجمعة، إلى غير ذلك مما له صلة بالكتاب.
ثم إن الكتاب يتحدث عن الجوامع في مدينة الرياض، فكان من المهم الحديث عن مدينة الرياض، وهو أمر لم يغفله المؤلف، فعقد فصلاً كاملاً تحدث فيه عن التاريخ المعاصر لمدينة الرياض.
ومن خلال ما تقدم يتضح للقارئ الكريم أن كتاب « جولات في جوامع مدينة الرياض « يعد توثيقاً تاريخياً للجوامع، وآدابها ومكانتها، وبيان بعض أحكام يوم الجمعة، وصلاة الجمعة وخطبتيها.
فجزى الله المؤلف خير الجزاء على هذا الجهد المبارك، ونفع بكتابه، وجعله صدقة جارية.. والله ولي التوفيق.