كتب الدكتور عبد الإله بكار عن المفاهيم التربوية الهامة والتي على الوالدين غرسها في أبنائهم، وكان من أهمها الأخوة: لا شيء أجمل من أن تسود المحبة المجتمعات الإنسانية، فينعم الجميع بالسلام ويعطف البشر على بعضهم ويصبح التقارب لا التنافر هو أساس العلاقة، لأنّ بينهم قرابة مشتركة، إذ رد الله سبحانه وتعالى أنسابهم إلى آدم، وهذه الرابطة القوية تحتم عليهم توحيد الجهود لتعمير الأرض وبناء مجتمع متسامح. ولعل الأخوة الروحية التي تقوم على أساس تعاليم الإسلام والتي تؤلف بين أتباع وتوحد قلوبهم على اختلاف الزمان والمكان هي الأخوة الحقيقية، حيث تأكدت هذه الرابطة القوية في العديد من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية، فقد شبّه الرسول الكريم المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم بالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الأعضاء بالسهر والحمى، وأكد عليه الصلاة والسلام أن المسلم لا يظلمه ولا يسلمه. ولعل تكاليف العيش وأعباء الحياة المتزايدة تتطلب من الناس أن يجتمعوا ويتعاونوا في سبيل تذليل الصعاب وتأمين حياة هانئة سعيدة ينعم بها الجميع تحت مظلة الحب والإخاء، وقد قيل: المرء قليل بنفسه كثير بإخوانه, وعلى الأب أن يبين للطفل أن تعاليم الإسلام أكدت على صيانة الأخوة ومحو الفوارق المصطنعة كالتفاخر بالأنساب والنزعات العنصرية، وأسست علاقات وطيدة بين الناس على مختلف الاتجاهات قائمة على العطاء والتسامح والتعاون، ويجب أن يتدرب الطفل منذ الصغر على تطبيق هذه التعاليم وإقامة علاقات اجتماعية سليمة لا تشوبها المصالح أو المنافع المؤقتة، فالأخوة ليست مجرد كلمة جوفاء إنما هي أفعال تؤكد هذه الرابطة وتقويها، وحقوق يجب أن تؤدى، ولعل من أول حقوق الأخوة وأبسطها إفشاء السلام وتبسم الطفل في وجه رفاقه عند لقائهم ومشاركتهم بألعابه وممتلكاته الخاصة والصبر على أذاهم وعدم إثارة المشاكل والخلافات معهم، ولو أن هذه الأمور من الصعب تطبيقها في عالم الطفولة وعلاقات الأطفال مع بعضهم، القائمة على المشاكسات البريئة والنزاعات المستمرة على أبسط الأمور، ولكن سرعان ما يعود الأطفال إلى سابق عهدهم وينسون خلافاتهم وكأن شيئا لم يحدث، فيجب أن يتعلم الكبار منهم معاني العفو والتسامح وعلى الآباء ألاّ يتدخلوا في مشاكل الصغار حتى لا تنتقل إليهم تلك المشاكل فيبرأ منها الأطفال سريعاً، بينما تبقى آثارها في قلوب الآباء والأمهات لفترة طويلة، وكمن الخلافات التي نشبت بين الجيران والأقارب بسبب الأطفال وربما تحولت إلى عداوة مستمرة!
ومن الآداب الجميلة التي يجب أن يتعلمها الطفل، تشميت العاطس وأن يمارس أسلوب النصح والأمر بالمعروف مع أصدقائه، كأن ينهاهم عن السب والتلفظ بالكلمات النابية ويدعو لهم ويزورهم في المناسبات السعيدة والحزينة، فيشاركهم الحزن كما يفرح ويلعب معهم فلا يشمت بهم في المصائب ولا يفرح لوقوعها، وكذلك لا يحسدهم ويغضب على الأشياء التي يملكونها.