أوضح خبير اقتصادي أن الإفصاح والشفافية في تحصيل الزكاة يرفع مدخولها المالي الحالي من 36 مليار ريال تقريباً إلى أضعاف مضاعفة خلال فترة وجيزة، لافتاً إلى أن الاسلام أول من نادى بالشفافية وإظهار عيوب السلع وفي البيوع وعدم التضليل والتدليس وغيره.
وقال الدكتور سامي بن عبدالعزيز النويصر لـ«الجزيرة»: إن الزكاة تحصل بوضوح تام، والمبدأ الإسلامي لا يتعاطى مع السلع كما المبادئ الغربية بطريقة مطاطية على حسب مصالحه وأوقاته، يكبر به ويصغر مع أوضاعه ووفق التقلبات الاقتصادية التي يعيشها، ولذا كثر الحديث حول موضوع الشفافية وما وراء الشفافية ، وهي ليست المرة الأولى ، ولكن الصوت كان أعلى هذه الأيام ، خاصة بعد تطبيق قانون «فاتكا» الأمريكي والذي يعني ملاحقة الشركات الأمريكية للبترول وغيره وإلزامها بالإفصاح ودفع الضرائب المستحقة عليها، ومحاولة تغطية جزء مهم من عجز الحكومة الأمريكية المتنامي بحجم مخيف .
ونوه النويصر بأنه متى ما طبقت الشفافية والإفصاح التام في تحصيل الزكاة وتوزيعها على أبوابها الثمانية، فإن المردود المالي الحالي والبالغ 36 مليار ريال سيتضاعف مرات عديدة خلال فترة وجيزة، وبالتالي إمكانية القضاء على الفقر باعتباره البيئة الخصبة للفكر الضال والارهاب.
واستطرد قائلاً: لابد أن لا نربط مفاهيمنا وقيمنا من زكاة وإفصاح وغيره بقوانين وأنظمة بشرية، بل يجب أن يكون لنا فكر مالي إسلامي قيادي مدعوم من جميع الجهات الحكومية ، ووفق تشريع يتناول سياساته المالية والنقدية.
وأشار إلى أن أفضل طريقة للرد على موضوع الشفافية وأهميته خاصة مصادر الدخل والإنفاق ، هو أن بعض الدول الكبرى تمر بحالة عجز مالي كبير ومربك ، وإنفاق مستمر يفوق دخلها ، مما يعني باللغة المالية الإفلاس ، وفي أجواء الإفلاس المالي والمديونية المخيفة التي أصابت أمريكا وبعض الدول الأوروبية، لجأ العديد منها إلى سن قوانين وأنظمة مالية في محاولة لزيادة إيراداتها وتقليص الإنفاق مثل أمريكا وبريطانيا وغيرهما.
وأوضح، أن أمريكا تستطيع فعل ما لا تستطيعه دول أخرى، فتطبع المال أكثر، حيث الدولار الأمريكي هو سيد المعاملات والتجارة الدولية ، فأكثر من 60% من معاملات التجارة العالمية تتم بالدولار الأمريكي ، ويجب أن تمر بمحطة نيويورك ، لذا تستطيع ان تسن قوانين عالمية ملزمة على دول التعامل بالدولار، وبما هو متاح للمشرع الامريكي من هيمنة مالية على أغلب دول العالم ، فقد شرع الأنظمة كنظام «فاتكا» على مواطنيه حول العالم للتضييق على المتهربين من الضرائب ، وإلزام بنوك العالم بمراقبة عملائها للحصول على ضرائبه الضائعة بين شركاته وأفراده الأمريكيين والمعنيين بالإقامة الدائمة .
واستشهد النويصر بمثال قائلاً: شركات البترول الأمريكية والتي تعمل خارج أمريكا وخاصة دول الخليج هي ذات مكانة وقوة مالية عالية، وفي ظل ارتفاع العوائد النفطية تم وضعها تحت المجهر الأمريكي للتحصيل الضريبي، لأن أغلب هذه الشركات القوية عالميا والقيادية في هذا المجال أمريكية المنشأ، ويجب أن تلتزم بمبدأ الإفصاح التام لكي تحصل على عوائدها من الضرائب ، ولعلها ترد بذلك عافيتها ولو بجزء من أموال الأمريكيين المتهربين من الضرائب ومن مبدأ الشفافية.
من جهته أكد الاقتصادي ونائب رئيس أرامكو السابق عثمان الخويطر أن الإنفاق الحكومي مرتبط إلى حد كبير بمداخيل الميزانية، لافتاً إلى أن ميزانية الدولة تتضخم بشكل مخيف في السنوات الأخيرة بسبب الإسراف في الإنتاج النفطي، وهذا لا يخدم مستقبل أجيالنا القادمة.
وأضاف: نلاحظ أن الحكومة تصرف بسخاء على مشاريع غير منتِجة البعض منها له علاقة بالبنية التحتية وشئون أخرى عامة ولكنها ليست ضرورية، وكلما كان المشروع ضخماً زادت صعوبة التحكم بالإنفاق وقلت كفاءة المشاريع ، وفي حال كانت مشاريع توليد الطاقة الشمسية جزءً من الخطة لكانت أكثر مردودا، فهي تخلق الكثير من الوظائف للشباب وتوفر المشتقات النفطية وتستغل الطاقة الشمسية المهدرة.
وذكر الخويطر أن الشفافية موجودة ، ولكن بحسب ما يريده المشرفون على المشاريع ، وكلما كانت الشفافية أكثر وضوحا وظاهرة للجميع كلما تحسن الأداء، فالشفافية من علامات الثقة بالنفس وحسن النية.