لقد تسلط علينا فلاسفة الذباب، وأصحاب مشاريع الفناء، والمنظرون للموت والدمار، والمتلبسون بالخزي والعار، والناعقون بالخراب كالغراب، المتخندقون في ردهات السراديب السوداء، والسابحون في المستنقعات القديمة المهجورة، الراكضون في السبخ الكثيفة، الحاقدون الحاسدون الناكثون للوعود والعهود اللاأوفياء، محاولين زرع الفتنة بيننا، وتمزيق نسيجنا الاجتماعي الفريد، وسوقنا نحو التيه والظمأ والضياع، وفق أساليب شريرة واهنة بالية، هؤلاء العفاريت يحاولون الجثم على صدورنا والتهامنا، وبيعنا في سوق الخردة لحساب أوهامهم الخائبة، وطموحاتهم القاصرة، تحت وطأة تحالفاتهم المشحونة بالأفكار والأفراد والأحزاب والمجاميع والدول الداعمة للخراب المتفرجة منها والمحرضة والممولة والداعمة، حتى بتنا نملك القدرة على فك تصريحاتهم المشفرة، وأقوالهم المبهمة، وأعمالهم السرية، أن حساباتهم الغاشمة هي إنهاؤنا، وتشريدنا، والأستحواذ علينا، أرضاً وإنساناً وكياناً ووحدة وأمة ووجوداً، تاريخاً وإرثاً وميراثاً وحضارة، وهذه هي الحقيقة القاتلة، التي لن يحجبها تهريجهم السيركي، وهرطقاتهم الفكرية، وتنظيراتهم السقيمة، وقصورهم الأخلاقي والتربوي، وقزمية أعمالهم، لقد شرعوا منذ زمن بعيد بالسير على النهج القذر الذي رسمه لهم المحرضون والمنظرون والداعمون والممولون، لتنفيذ مشاريع الخبث لتدميرنا والعبث بنا وسرقة ثرواتنا وكنوزنا وتحويلنا إلى كتلة اسفنجية ممتلئة بثقوب كبيرة لا حصر لها، لا لسعادتنا ورخاؤنا ورفاهيتنا وأمننا واستقرارنا ونمونا وتطويرنا صناعياً واقتصادياً وزراعياً وتجارياً، بل يريدون بكل صلف تحويلنا إلى مجتمع مزروع بالفتن والأحقاد والضغائن والنعرات الطائفية والمذهبية والاحتراب والاقتتال وعودة الثأرات، وتكريس الجهل والأمية والعيش في الظلام الدامس المخيف، وكسوف شمسنا، وخسوف قمرنا. لكن ليعلم هؤلاء العابثون الهاوين للدم والهدم والحرق والقتل والخراب، بأن بلادنا السعودية ليست ملكاً لهم، ولا للذين يقفون وراءهم أياً كانوا وأياً كانت أحجامهم ومقاساتهم، العمالقة منهم والأقزام، وليست قرية مجهولة يلعبون فيها كيفماء شاؤوا، وليست كوكباً تائهاً في أفق عبثهم وأحلامهم الواهنة، التي تشبه أحلام النطيحة والعفجاء والمتردية، ولا وقفاً من أوقافهم الخائبة، ولم تكن في يوم من الأيام خاضعة لإرادة القوى الغاشمة، ولا تابعة لدولة ظالمة، ولا لفرقة جانحة، ولا لحزاب بأحلامها الصفراء هائمة، فالسعودية وطن الجميع، ومهد الحضارة، وبوابة التاريخ، ومرآة الإنسانية، وخزانة العلم، ومثوى الأبطال، ودار الأئمة، وقبلة العالم، ولا يهمها فلاسفة الذباب ومنظري الخراب، وعواء العاوين، ونباح النابحين، ونقيق الضفادع الخاملة، مهما تكاثرت أعدادهم، وتشعبت أطماعهم، وكثر طوائفهم وأتباعهم وتياراتهم الهائجة. لقد بلغ ابتذالهم الأخلاقي، وقصورهم التربوي، وعقوقهم الوطني مبلغاً عظيماً، ضاعت فيه القيم والمبادئ من أرواحههم، وتصاعدت نبرة العداوة والبغضاء من أفواههم، وتجاوزوا الحماقات كلها، بكل خطوطها الحمر، حتى وصل الطيش بهم إلى مستوى المجازفة بالوطن كله، والأمة كلها، والتضحية بمستقبله ومستقبل الأمة وأجيالها، الذي يريدون أن يكون وطنناً أشبه بسفين تائة بلا شراع، تتقاذفها الأمواج وتوشك على الغرق في بحار لا قرار لها، لقد أثبت هؤلاء للقاصي والداني مدى سطحية مواقفهم التافهة، ودفاعهم المستميت عن مصالحهم الذاتية المحدودة، وتعنتهم في ترويج رغباتهم الآنية، وفق خطاب تحريضي نحو تفعيل الأفكار الساعية للخراب، لقد بات واضحاً أن العقلية العدائية، والأصابع الخفية، والأجندات الأقليمية والعالمية البغيضة، هي التي تقود هؤلاء لفعل هذا المنكر الشنيع. لقد رأى هؤلاء السذج بأن الحق لهم ومعهم وليس لسواهم، وأنهم هم الأفضل والأكفأ والأقوى والأصلح، وغيرهم لا يفهم ولا يصلح، حتى أخذتهم العزة بالأثم، فرفضوا نداء العقل والمنطق، بعد رفضهم لنداء الدين والوطن، لكنهم سيغرقون في برك مهاتراتهم الآسنة، وستنقلب عليهم خناجر الغدر والجحود والنكران لتغتالهم، وستطردهم الدول والأحزاب والجماعات التي آوتهم، وستخذلهم الوجوه الزئبقية المراوغة التي ضحكت لهم، وسيصبحون بعدها جياعاً يبحثون عن فتات الخبز في الأزقة المظلمة، والدروب الضيقة، وسيبيتون عراة يبحثون عن الأسمال البالية ليستروا بها عوراتهم المفضوحة التي لن تقيهم خذلان الفضيحة، وعار العقوق، وشنار العمل، ومنكر القول، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون، وما ذلك على الله بعزيز.