أراد تأليف كتاب يوثق تاريخ مسقط رأسه، وحديث مفصل عن بلدته يتحدث عن جغرافيا القرية ومساكنها وتاريخ جامعها ومن تولى فيه الإمامة والأذان، وسيعرج على أبرز أبناء هذه البلدة ممن عرفوا بخدمة الدين والوطن والاهتمام بالشأن العام.
وبطبيعة الحال كتاب مثل هذا كان لابد أن يعرض على أبناء البلدة لأخذ رأيهم فيما (يخصهم أسرهم ومواقعهم) وهذا أمر مهم ومطلوب.
المفاجأة أن كل مطلع على مسودة الكتاب كان اهتمامه بما سيكتب عن الآخرين أكثر من اهتمامهم بما يكتب عنه وعن أسرته وأملاكه القديمة.
لماذا ذكرت كذا عن فلان، وهو لا يستحق ذلك، وفلان ليس من الأعيان، بل هو من عامة أهل القرية، وهذه الوثيقة التي أوردها فلان اقترح حذفها!.
عشرات المقترحات (أو الأوامر) تأتيه من فلان وفلان، وجلها تدور حول حذف مزايا للآخرين.
من طلب حذف هذه ا لمزايا قد يكون محقاً، وقد يكون غاضباً لكون والده وجده ليس لديهم المزايا نفسها (وذلك فضل من الله).
هذه الأمور ليست من نسج الخيال، بل هي مسار معروف يتعرض له كثير ممن يكتب عن قريته أو بلده طالباً مشورة الآخرين.
يا ترى لو أن هذا المؤلف المتحمس للحديث عن قريته أو بلده عمل ببيت الشعر المشهور:
من راقب الناس مات هماً
وفاز باللذة الجسور
يا ترى كيف ستكون ردة فعل الأهالي بعد أن يكون الكتاب واقعاً ملموساً وحقيقة لا تقبل التشكيك.
هل سيتقبلون أم أن المؤلف سيدخل في معركة مع أبناء قريته؟.